أمريكي ذو أصول مصرية يرفع دعوى ضد رئيس وزراء سابق يعيش بواشنطن.. اتهمه بتعذيبه في السجون
تقدَّم محمد سلطان، الناشط الحقوقي الأمريكي ذو الأصول المصرية والذي كان معتقلاً في السجون المصرية، بدعوى قضائية فيدرالية في الولايات المتحدة، الإثنين 1 يونيو/حزيران 2020، يؤكد فيها أنه تعرض لإطلاق النار والضرب والتعذيب لأكثر من 643 يوماً، سُجن فيها على يد النظام العسكري المصري، وذلك بهدف سحق المعارضة ومنع الصحفيين من نشر تقاريرهم.
سلطان الذي عاش -وفق تقرير صحيفة The Washington Post الأمريكية- أغلب أوقات حياته بوسط غربي الولايات المتحدة، رفع دعوى قضائية في المحكمة الجزئية الأمريكية بمقاطعة كولومبيا. يقول الحقوقي صاحب الـ32 عاماً، إنه “استُهدف” لاغتياله وكان ضحية ارتكاب انتهاكات وحشية بحقه خلال أكثر من 21 شهراً قضاها في السجن، لأنه “تجرّأ وكشف للعالم ما تفعله الحكومة العسكرية المصرية” من قمع المعارضين الإسلاميين والليبراليين؛ مما أدى إلى مجازر بالقاهرة في أغسطس/آب 2013.
تذكر شكوى مقدمة، مكونة من 46 صفحة، اسم رئيس الوزراء المؤقت السابق حازم الببلاوي بوصفه المدعى عليه، وتؤكد أنه وجّه وتابع الطريقة التي عومل بها سلطان، خريج قسم الاقتصاد بجامعة أوهايو والذي عاش في القاهرة خمسة أشهر وعمل مع المحتجين بعد أن أُطيح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي على يد الجيش.
يطالب سلطان بتحقيق “العدالة والمساءلة”، بموجب قانون أمريكي يسمح للناجين من التعذيب بأن يطالبوا بتعويضات من مُعذبيهم تحت ظروف محددة. وتذكر الدعوى القضائية كذلك “مدَّعى عليهم لا يمكن محاكمتهم”، وهم: الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعباس كامل، المدير السابق لمكتب الرئيس المصري ورئيس جهاز المخابرات العامة الحالي، وثلاثة قادة أمن سابقون في وزارة الداخلية. ويوضح أنها من الممكن أن تأخذ مجراها إذا سافروا إلى الولايات المتحدة.
المسؤول يسكن قرب الناشط: تتمتع الحكومات الأجنبية وقادتها بحصانة في المعتاد من الدعاوى القضائية المدنية بالمحاكم الأمريكية. ومع ذلك، يجيز قانون حماية ضحايا التعذيب رفع الدعاوى القضائية ضد من يزعم مسؤوليتهم عن التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية التي تحدث في أي مكان بالعالم إذا كان المدعى عليهم في الولايات المتحدة ولم يعودوا رؤساء للدول. وفي انعطاف على هذا الشرط، يشغل الببلاوي، الخبير الاقتصادي البالغ من العمر 83 عاماً والأستاذ الزائر بجامعة السوربون، منصباً ضمن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في واشنطن، الذي يقع على بعد ثلاث بنايات من البيت الأبيض، ويعيش في ماكلين، بفيرجينيا، على بُعد أميال قليلة من سلطان، مما يجعله في إطار الاختصاص القضائي للمحكمة الفيدرالية.
يقول المراقبون القانونيون، إن قانون حماية ضحايا التعذيب يمكن أن يصير رادعاً مثيراً للاهتمام ضد القادة المستبدين، الذين يتمتعون بحصانة في بلادهم، والذين تمتنع السياسة الخارجية الأمريكية عن معاقبتهم.
أستاذ القانون بجامعة تكساس، ستيفن فلاديك، قال إنَّ “شبح ملاحقتك قضائياً عن طريق ادعاء مبنيّ على قانون حماية ضحايا التعذيب قد يكون سبباً كافياً [للقادة السابقين] لإنهاء مثل هذه الرحلات، على الأقل حتى تنتهي فترة التقادم الممتدة لـ10 سنوات التي يضعها القانون”.
أما إريك لويس، محامي سلطان، فقال: “اليوم، نرسل رسالة إلى مرتكبي التعذيب ومنتهكي حقوق الإنسان في النظام المصري الدموي الفاسد بأنهم لا يستطيعون ارتكاب جرائم ضد البشرية ثم يبحثون عن ملاذ آمن بالولايات المتحدة ويسيرون في شوارع مدن أمريكا متمتعين بالحصانة”.
أضاف لويس أن تعيين صندوق النقد الدولي “مرتكب تعذيب ومنتهك حقوق الإنسان” ضد آلاف المدافعين عن حرية التعبير عن الرأي، يمثل “وصمة عار على جبين المنظمة”.
لم يردّ صندوق النقد الدولي فوراً على طلب للتعليق لصحيفة واشنطن بوست.
حروق بجسده: لا يزال سلطان يحتفظ بعلامات الحروق في رقبته، وندبات الرصاص، ولا يستطيع استخدام ذراعه اليسرى بكامل قوتها وحركتها.
لكنه يقول إن الأسوأ هو “صدمة دائمة” تتضمن كوابيس يرى فيها السجينَ الذي وضعه الحراس في زنزانته ليموت بجانبه، وصرخات المعتقلين الآخرين وهم يُضربون، وتعذيب أبيه على مسمع منه.
قال سلطان: “العيش مع هذا مؤلم بشدة”.
أضاف قائلاً: “في ظل معرفتي المباشرة بمستوى الدموية واللاإنسانية التي يواجهها المعتقلون، من حرمانهم من الحرية والإرادة والكرامة، كان عليّ أن أحاول نيل بعض العدالة”.