أهم الفروق بين سلالتي أوميكرون الشبح والأصلية، وما نعلمه عن فيروس كورونا الجديد القادم من الخفافيش
فمعدل التطعيم المنخفض في الدول الفقيرة يهدد بظهور متغيرات جديدة، وهذا ما رأيناه عدة مرات بالفعل، علماً بأن أوميكرون نفسه ربما ظهر في إحدى دول جنوب القارة الإفريقية الفقيرة التي تعاني من معدلات متدنية من التطعيم ثم انتقل لجنوب إفريقيا.
وبالفعل، يرصد العلماء زيادة في عدد الإصابات بسلالة فرعية من متحور فيروس كورونا “أوميكرون”، تُسمى أوميكرون “السلالة الشبح”، ويتأهبون للتعامل معها بعد انتشارها الواسع في أجزاء من القارة الأوروبية وآسيا التي تسجل دول فيها قفزات هائلة في أعداد الإصابات بالفيروس.
تجدر الإشارة إلى أن السلالة أوميكرون الشديدة العدوى والتي يُعرف الشكل الأكثر شيوعاً منها باسم “بي.إيه.1” تقف وراء جميع الإصابات بالفيروس تقريباً على مستوى العالم حالياً.
لكن السلالة الفرعية من متحور “أوميكرون” والتي تُعرف علمياً بسلالة أوميكرون”بي إيه 2″، بدأت تحل محل متغير “أوميكرون الأصلي” في أجزاء من أوروبا وآسيا، وفقاً للعلماء.
لماذا يُسمى أوميكرون بالشبح؟
رغم أنه يطلق عليه اسم متغير أوميكرون الشبح أو الخفي، فإنه لا يوجد شيء خفي فيه بشكل خاص، بل هو يحمل تهديداً أكبر من كونه خفياً.
فمتغير أوميكرون الشبح (BA.2) مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأوميكرون الأصلي (BA.1)، ولكن لديه بعض الطفرات المختلفة التي تميزه عن سلالة أوميكرون الأصلية ولكن ليس بما يكفي ليتم اعتباره سلالة جديدة تماماً.
وعكس ما قد يوحي به لقبه، لا يُعرف النوع الفرعي BA.2 باسم “أوميكرون الشبح أو الخفي” لأنه من الصعب العثور عليه، بل يأتي الاسم المستعار من سبب آخر.
كانت هناك ميزة في متغير أوميكرون التقليدي بأنه مختلف نسبياً عن السلالات السابقة نتيجة انحراف جيني معين، وبالتالي يسهل اكتشافه مقارنة بالسلالات الأقدم من كورونا مثل دلتا.
إذ يمكن تمييزه عن المتغيرات السابقة عن طريق اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل فقط، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة NBC.
واختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل في الأصل لم يكن يستخدم إلا لمعرفة هل الشخص مصاب بفيروس كورونا أم لا، ولكن لم يكن يستخدم للتمييز بين المتغيرات إلا عندما ظهر متغير أوميكرون باختلافاته عن السلالات الأصلية التي أتاحت رصده عبر هذا الاختبار، مما يوفر للباحثين طريقة سهلة لاكتشاف المتغير دون حاجة لاختبارات إضافية مثل تتبع الخرائط الجينية “الجينوم” للفيروسات المخصص لاكتشاف الفوارق بين السلالات.
أما في متغير أوميكرون الشبح، فلقد تخلَّص هذا المتغير من الانحراف الجيني الذي ميز أوميكرون الأصلي، وبالتالي يظهر أوميكرون الشبح في اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل، كفيروس كورونا دون تحديد السلالة، مما يستلزم مزيداً من الاختبارات.
أي إنه يصعب التمييز الآن بين أوميكرون الشبح والسلالات القديمة مثل دلتا وألفا، ولكن ليس بين أوميكرون الشبح وأوميكرون القياسي.
ولكن هذه المشكلة لا تدعو إلى القلق؛ لأنه نظراً إلى أن أوميكرون القياسي يمثل الآن أكثر من 99% من حالات Covid-19 الجديدة المبلَّغ عنها في الولايات المتحدة، فإن التمييز ليس مشكلة كبيرة، كما قال وولف، ولا يؤثر في كيفية التعامل مع العدوى في الإعدادات السريرية.
سمات أوميكرون الشبح
هل هو أكثر عدوى؟
متغير BA.2 يحتوي على خمس طفرات فريدة على جزء رئيسي من بروتين الشوكة الذي يستخدمه الفيروس لربط الخلايا البشرية وغزوها.
غالباً ما ترتبط الطفرات في هذا الجزء، المعروف باسم مجال ربط المستقبلات، بقابلية انتقال أعلى، حسبما قال ترولز ليليبايك، رئيس اللجنة القومية الاسكندنافية التي تراقب متغيرات كوفيد، لشبكة CNBC الأمريكية.
وتشير بعض التقارير المبكرة إلى أن أوميكرون الشبح (BA.2) قد يكون أكثر عدوى من سلالة أوميكرون الأصلية (BA.1 ) شديدة العدوى بالفعل.
ويقدِّر مسؤولو الصحة الدنماركيون أن BA.2 قد تكون أكثر قابلية للانتقال بمقدار 1.5 مرة من BA.1، وذلك بناءً على البيانات الأولية.
لم تصنف منظمة الصحة العالمية BA.2 على أنه بديل مثير للقلق. ومع ذلك حذّرت ماريا فان كيركوف، الرئيسة الفنية لـCovid-19 بمنظمة الصحة العالمية، من أن البديل التالي لـCovid سيكون أكثر قابلية للانتقال.
أين ينتشر؟
تقول منظمة الصحة العالمية إن دولاً عدة حول العالم سجلت في الآونة الأخيرة زيادة في الإصابة بـ”أوميكرون الشبح”.
تريفور بيدفورد، وهو عالم فيروسات في مركز فريد هاتشينسون للسرطان والذي يرصد تطور فيروس كورونا، قال على تويتر، الجمعة 29 يناير/كانون الثاني 2022، إن “السلالة الشبح” مسؤولة عن 82% من الإصابات في الدنمارك، و9% في بريطانيا، و8% بالولايات المتحدة.
بدأ أوميكرون الشبح “BA.2″، يتفوق على BA.1 في أجزاء من أوروبا وآسيا.
وقال البروفيسور سيشادري فاسان، باحث لقاح Covid-19، من وكالة العلوم الأسترالية “CSIRO”، إن تحليلاً أظهر أنه اعتباراً من 27 يناير/كانون الثاني، تم الإبلاغ عن 10811 تسلسل BA.2 من جميع أنحاء العالم، وضمن ذلك أستراليا (22 تسلسلاً)، ولكن 90% من التسلسلات كانت من ثلاثة بلدان: الدنمارك (8357) والهند (711) والمملكة المتحدة (607).
وكان تريفور بيدفورد، عالم الفيروسات الحاسوبي في مركز فريد هتشنسون للسرطان بالولايات المتحدة، يتتبع تطور فيروس سارس- CoV-2. وكتب على تويتر يوم الجمعة، أن أوميكرون الشبح يمثل نحو 82% من الحالات في الدنمارك، و9% بالمملكة المتحدة و8% في الولايات المتحدة. اعتمد تحليله على تسلسل البيانات من قاعدة بيانات GISAID وتعداد الحالات من مشروع Our World in Data في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة.
هل يراوغ اللقاحات والمناعة الطبيعية؟
من المعروف أن الحصانة من الإصابات السابقة واللقاحات أقل فاعلية في الحماية من الإصابة بأوميكرون الأصلي، ولكنها تحمي من الإصابات الشديدة به التي تؤدي إلى دخول المستشفيات وأيضاً الحالات المؤدية للوفاة خاصة إذ تلقى المطعمون جرعات لقاح ثالثة.
وقال ليلبيك إنه لا توجد بيانات كافية حتى الآن لتحديد ما إذا كانت سلالة أوميكرون الشبح (BA.2) قادرة على إعادة إصابة الأشخاص الذين التقطوا أوميكرون الأصلي أم لا.
ومع ذلك، من المحتمل أن توفر العدوى السابقة بعض المناعة المتقاطعة لـBA.2.
ولا يوجد دليل حتى الآن على أن أوميكرون الشبح سيراوغ الحماية المتأتية من اللقاحات.
وقال الدكتور إيجون أوزر، خبير الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في فينبرج بشيكاغو بالولايات المتحدة، إن السؤال الحاسم هو ما إذا كان الأشخاص المصابون في موجة أوميكرون الأصلي ستتم حمايتهم من السلالة الشبحية، كان هذا مصدر قلق في الدنمارك، حيث أبلغت بعض الأماكن التي شهدت ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس BA.1 عن ارتفاع حالات الإصابة بـBA.2.
إذا لم تحمِ عدوى BA.1 السابقة من BA.2، “يمكن أن يكون هذا نوعًا من موجة ذات ذروتين- كما قال أوزر- ولكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ذلك سيحدث”.
وقال إن الخبر السار هو أن اللقاحات وخاصة الجرعات المعززة مازالت “تقلل دخول المستشفيات واحتمالات الوفاة”.
ولم تجد وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة أي دليل على وجود اختلاف في فعالية اللقاح بين أوميكرون الشبح والأصلي.
وهناك تفاؤل حذِر بشأن التطعيمات. تُظهر البيانات الأولية من حكومة المملكة المتحدة أن الجرعة الثالثة للقاح COVID-19 تحمي من الإصابة بمتغير أوميكرون الشبح تماماً كما تفعل ضد BA.1. في كلتا الحالتين، يقلل من خطر الإصابة بأعراض بنحو 60% إلى 70%. إضافة إلى ذلك، هناك العديد من أوجه التشابه بين الجزء الأعلى في البروتين لدى BA.1 وBA.2، وهو جزء من الفيروس تستهدفه العديد من الأجسام المضادة.
لذا يتوقع الدكتور بيتر تشين هونغ من جامعة كاليفورنيا، أن اللقاحات ستوفر على الأرجح حماية جيدة ضد الإصابة الشديد من أوميكرون الشبح.
وقال: “ليس لديّ أي ضمان بعدم إصابتك بالعدوى أو إعادة إصابتك مرة أخرى [إذا كنت مصابًا بالفعل بـCOVID-19]، مما يعني أنك قد تعاني من الزكام أو تشعر كأنك مصاب بنزلة برد أخرى، لكنني أشعر، بثقة كبيرة جداً في ذلك، بأن اللقاحات ستوفر حماية من الإصابات الخطيرة في عموم السكان”.
ويقول تشين هونغ إن هذا مهم لمستقبل التعامل مع COVID-19، حيث تحتاج المجتمعات إلى تحويل تركيزها من وقف جميع العدوى إلى الحفاظ على الجميع في مأمن من المرض الشديد.
هل أعراض السلالة الشبحية أشد؟
حتى الآن يرجح الخبراء أن متغير أوميكرون الشبح لا يسبب مرضاً أشد خطورة من أوميكرون الأصلي.
وقال البروفيسور سيشادري فاسان، باحث لقاح Covid-19 بوكالة العلوم الأسترالية: “حتى الآن، تُظهر الأدلة من زملائنا في الدنمارك أنه في حين أنه يمكن أن ينتشر بشكل أسرع، لا يوجد دليل على زيادة الخطورة”، “لذلك من المهم الحفاظ على الهدوء ومواصلة التدابير الحالية مثل تلقيح أنفسنا، وضمن ذلك الجرعة المنشطة، واتباع التباعد الاجتماعي والأقنعة والمبادئ التوجيهية المحلية”.
ومن المعروف أن العديد من الدراسات أظهرت أن العدوى بأوميكرون الأصلي BA.1 تحمل خطراً أقل للإصابة بأعراض خطيرة مقارنة بمتغير دلتا لفيروس كورونا.
وتشير الأدلة الأولية من الدنمارك إلى أن هذا سيكون هو الحال أيضًا مع أوميكرون BA.2، كما يقول الدكتور بيتر تشين هونغ من جامعة كاليفورنيا.
يقول تشين هونغ: “اكتشف العلماء أنه لا يوجد خطر متزايد في الذهاب إلى المستشفى إذا كان لديك BA.2 مقارنةً بما إذا كان لديك BA.1″. يمكن أن يتغير ذلك، لكن هذا ما نعرفه حتى الآن”.
قد يبدو أن ظهور أوميكرون الشبح أمر يدعو إلى التفاؤل نظراً لأننا أمام متغير أكثر عدوى ولكنه ليس شديد الضرر، وهذا قد يعني أنه قد يؤدي إلى اكتساب المجتمعات مناعة للقطيع بخسائر أقل، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة.
فتفشي الفيروس بهذا الشكل يعني زيادة فرص حدوث مزيد من التحورات له، وقد تجمع التحورات الجديدة بين شدة المرض وسرعة تفشيه.
علماء ووهان يحذّرون من فيروس كورونا جديد قد يأتينا من الخفافيش
هناك مؤشرات مقلقة تأتي من الجانب الآخر من العالم، وتحديداً مدينة ووهان الصينية، المنشأ المرجح لفيروس كورونا.
فلقد تناقلت العديد من وسائل الإعلام تحذيراً من علماء الصينيين بالمدينة من أن متغيراً جديداً يدعى نيوكوف “NeoCov”، لديه معدل وفيات مرتفع، فهو يجمع بين كونه أكثر فتكًا ومعدل إصابة أعلى.
لكن الواقع أن حقيقة هذا الفيروس تختلف عن كثير ما يتم تداوله في العديد من التقارير.
وتستشهد التقارير بدراسة، لم تتم مراجعتها بعد، نشرها باحثون صينيون بمجلة BioRxiv مؤخراً.
في الواقع لا يُعد نيوكوف نوعاً جديدًا من فيروس كورونا الذي تسبب في انتشار الوباء العالمي؛ بل هو مشتق من نوع مختلف من فيروسات كورونا المرتبطة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس (Mers-CoV) التي ظهرت في السعودية قبل سنوات، وسببت مرضاً شديد الفتك.
و”ميرس” الذي لم يتم فهم أصوله بشكل كامل، هو فيروس انتقل إلى البشر من الإبل.
وبالتالي فإن فيروس “نيوكوف” حيواني المصدر، مما يعني أنه قد ينتقل بين الحيوانات والبشر، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Independent البريطانية.
وتم رصد فيروس “ميرس” في الجِمال في العديد من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، كما تقول منظمة الصحة العالمية.
“في المجموع، أبلغت 27 دولة عن حالات إصابة منذ عام 2012، مما أدى إلى 858 حالة وفاة معروفة بسبب العدوى والمضاعفات ذات الصلة”.
وفقًا لتحليل جينومات الفيروس المختلفة، يُعتقد أن “ميرس” ربما يكون قد نشأ في الخفافيش وانتقل لاحقاً إلى الجِمال في مرحلة ما بالماضي البعيد.
تقول منظمة الصحة العالمية إن 35% من المرضى المصابين بفيروس ميرس قد ماتوا، رغم أن هذا قد يكون مبالَغاً فيه، لأن الحالات الخفيفة ربما تكون قد “فاتتها أنظمة المراقبة الحالية”.
ما مدى احتمال انتقال نيوكوف إلى البشر؟
فيروس نيوكوف هو أحد أقارب ميرس وينتقل حتى الآن بين الخفافيش.
في الدراسة التي أثارت الذعر عالمياً، حذّر العلماء المقيمون في ووهان من أن فيروس نيوكوف قد يسبب مشاكل إذا تم نقله من الخفافيش إلى البشر.
المشكلة التي كشفها البحث الصيني أن الأجسام المضادة البشرية التي تم تدريبها لاستهداف الفيروس المسبب لـCovid-19 أو ميرس، يبدو أنها غير قادرة على التعامل مع فيروس نيوكوف الجديد.
وتشير الدراسة إلى وجود تهديد محتمل من فيروس نيوكوف إذا أصاب البشر، ولكن لا يوجد دليل على أن ذلك حدث حتى الآن أو لا يوجد مؤشر على مدى قابليته للانتقال بين البشر أو التسبب في الوفاة.
كما أن الاختبارات المعملية تشير أيضاً إلى ضعف قدرة نيوكوف على إصابة الخلايا البشرية.
وقال البروفيسور لورانس يونغ، عالم الفيروسات بجامعة وارويك، لصحيفة Independent: “نحتاج إلى رؤية مزيد من البيانات التي تؤكد العدوى البشرية والخطورة المرتبطة بها قبل أن نشعر بالقلق”.
تشير دراسة ما قبل الطباعة إلى أن إصابة الخلايا البشرية بفيروس نيوكوف غير فعالة للغاية.
ومع ذلك، فإن ما يُبرزه هذا الفيروس الجديد هو الحاجة إلى توخي اليقظة بشأن انتشار عدوى فيروس كورونا من الحيوانات (الخفافيش بشكل أساسي) إلى البشر.