آخر الأخبارتحليلات و آراء

إدارة غزة.. بين شرعية السلطة وبندقية حماس..!

سليم الزريعي

يبدو أن مصالح أكثر من طرف تتفق على أن لا مجال لاستمرار سيطرة حماس السياسية والعسكرية على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وكل طرف له أسبابه الخاصة، لكن هناك قاسم مشترك بين موقف الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية، والسلطة الفلسطينية المدعومة من دول عربية فاعلة على أن تجربة حماس في حكم عزة قد انتهت مند 7 أكتوبر الماضي.

لكن المفارقة هي: كيف يجمع هذه الأطراف قاسم مشترك على رفض سيطرة حماس على قطاع غزة، فيما مفتاح إنهاء اللعبة ما يزال في يدها، وهو يتعلق بالمحتجزين الصهاينة لديها؟ ليكون السؤال كيف لحماس أن تستمر في التعاون ومقابل ماذا ؟ إذا كان رأسها سيستمر مطلوبا سياسيا وعسكريا؟ من قبل الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية.

وإذا كان الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية يمكن رد موقفهما إلى صدمة طوفان الأقصى الذي أكد فشل نظرية الاحتواء، المشتركة الأمريكية الصهيونية التي تمظهرت في طلب أمريكا من قطر استضافة قيادة حماس وتمويل خزانتها، بمعرفة الكيان الصهيوني، فإن السلطة في رام الله تعتبر أن سلطة حماس غير شرعية، وأنها جاءت نتيجة انقلاب عليها عام 2007، حتى وصل الأمر بالرئيس الفلسطيني أنٍ يتهم في كلمته في مؤتمر القمة الأخير حركة حماس بتوفير الذرائع للكيان الصهيوني كي تهاجم قطاع غزة قائلا: “العملية العسكرية التي نفذتها حماس بقرار منفرد في ذلك اليوم، في السابع من أكتوبر، وفرّت لإسرائيل المزيد من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة وتمعن فيه قتلا وتدميرا وتهجيرا”.

وأكد أن “ما فعلته حماس كان قرارا منفردا وغير مسؤول”، هذا الموقف الذي يأتي في سياق سياسي وفكري، هو أيضا وبدرجة كبيرة فرصة لتصفية الحساب مع حركة حماس ، ورسالة واضحة على أن السلطة الفلسطينية على استعداد لتولي مسؤولية القطاع مجددا.

غير أن المسألة لا تتعلق بما تريده السلطة الفلسطينية، وإنما بما تريده الولايات المتحدة التي باتت لاعبا مقررا في هندسة الحالة الفلسطينية في غزة، وبموقف الكيان الصهيوني الذي يرفض أي دور للسلطة الفلسطينية في مستقبل قطاع غزة الذي يريده، على قاعدة أنه لا يرى فرقا بين حركتي حماس وفتح.

وفي الوقت الذي تتفق فيه إدارة بايدن والكيان الصهيوني على رفض أي وجود سياسي وعسكري لحماس في غزة، فهما يختلفان حول دور السلطة الوطنية الفلسطينية في مستقبل غزة، ففي الوقت الذي يريد كيان الاحتلال خلق أدوات فلسطينية محلية لخدمة مخططاته في غزة، أكدت الخارجية الأميركية، الاثنين 3 يونيو، أنها ترى دورا للسلطة الفلسطينية في مستقبل حكم غزة، لكن بعد القيام بإصلاحات جوهرية، تشمل تنازل عباس عن بعض سيطرته على السلطة. بأن يعيّن له نائباً ويسلم المزيد من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء ويدخل شخصيات جديدة في القيادة. ومكافحة الفساد وتمكين المجتمع المدني ودعم الصحافة الحرة.

ومن جانب آخر يبحث وزير الحرب الصهيوني في إيجاد بدائل لحماس.في غزة وذلك بعزل” مناطق (في قطاع غزة) وإبعاد عناصر حماس من تلك المناطق، ونشر قوات ستمكن من تشكيل حكومة بديلة..

ولأن كل ذلك يدور فيما المحرقة مستمرة دون الالتفات إلى ما يعانيه أهل القطاع، ردت حماس على محاولة استبعادها من السيطرة على عزة عبر عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، بأنها لن نسمح للاحتلال بأن يكون له أي دور في ترتيب شؤوننا الداخلية سواء الوضع داخل غزة أو التعامل مع المعابر عمومًا وخاصة معبر رفح.

ويبدو أن حماس وهو تقول إنها لن تسمح ، وبالمناسبة فإن من حقها بالمعنى السياسي أن تقول ذلك، لكن ما مدى واقعية ذلك في ظل المتغيرات الهائلة التي حصلت منذ بداية الحرب على غزة، عندما أصبح مستقبل القطاع يتجاوز رغبات حماس والسلطة بعد أن أصبحت هندسة مستقبل القطاع شأنا دوليا موضوعيا على ضوء تداعيات الحرب على غزة، عبر ارتداداتها على الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في ظل الحراك الواسع للمتعاطفين مع مأساة أهل غزة، ساهم في بلورة رأي عام عالمي يدعو لإيجاد حل سياسي يضع حدا كما يعتقدون للصراع ، عبر حل الدولتين، وهي مسألة تتجاوز حركة حماس إلى المجموع الفلسطيني كله، وهي معركة لا تقل شراسة عن الحرب على غزة لأنها الأقسى، ففيها يتقرر مصير كل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.

وفي تقديري إن هذا هو التحدي المصيري، وليس من يحكم عزة فتح أو حماس، ليكون السؤال هنا هو: هل ستتجاوز القوى الفلسطينية وتحديدا فتح وحماس حالة الانقسام والكيدية التي من شأنها أن تضع علامة استفهام في صلاحيتهما لقيادة الشعب الفلسطيني بعد تجربتيهما البائستين في حكم غزة، منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى 7 أكتوبر، والتوحد على برنامج كفاحي بمحددات سياسية تستعيد به منظمة التحرير دورها ووجهها النضالي بعيدا عن الفردية والمحاصصات الحزبية البغيضة ..انتصارا لأهل غزة، والضفة الغربية التي يواجه أهلها حربا مفتوحة من قبل قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال.. ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى