تحليلات و آراء

التهشيم الاستراتيجي وأزمة الخيارات للكيان الصهيوني.

محمد حسين..

مسؤول المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – سورية

بعد عملية السابع من أكتوبر النوعية ضد الكيان الصهيوني، والتي ضربت بالعمق كافة مؤسساته الأمنية، والعسكرية، والسياسية، ومراكز ابحاثة المختلفة، وفتحت الصراع على مصرعية( صراع الوجود) قام الكيان الصهيوني بحرب تدميرية غير مسبوقة في تاريخ الحروب، من حيث التدمير والمجازر الدموية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، من أجل استرداد هيبة الجيش الصهيوني( الذي لا يقهر )

وأعلن عن عدة أهداف لهذه الحرب التي أسماها( السيوف الحديدية )

بعد تسعين يوماً من هذه الحرب، لم يستطع هذا الكيان تحقيق أياً من أهدافه( الفضاء على المقاومة الفلسطينية.. تحرير الأسرى.. وإعادة السيطرة الأمنية على قطاع غزة.)

والهدف الغير معلن تهجير الشعب الفلسطيني رغم أن بعض وزراء حكومة الكيان يعلنون هذا الهدف،
إن هذا الكيان رغم كل الة القتل والتدمير والمجازر أصبح يعيش أزمة خيارات حقيقية في غزة،
فإعادة احتلال غزة تعني تحمله مسؤولية مليوني ونيف من الشعب الفلسطيني بكل مناحي الحياة ، وانهاء الخيار السياسي الهش المتمثل بدولة فلسطينية على حدود العام ٦٧ ، فلا يمكن أن تقام دولة فلسطينية بدون غزة حسب قرارات الشرعية الدولية، وبحتلال غزة وإعادة السيطرة عليها يكون الكيان الصهيوني قد انهى العملية السياسية بشكل رسمي وهذا ما لا ترغب به الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والعالم أجمع، الخيار الآخر الاحتفاظ بشريط أمني على الحدود في عمق قطاع غزة يعني تواصل ضربات المقاومة الفلسطينية واستنزاف يومي لا يستطيع الكيان تحمله،
الإنسحاب الكامل يعني الهزيمة الكاملة ويبدأ العد التنازلي لهذا الكيان الذي قال مؤسس الكيان بن غوريون( إسرائيل لا تحتمل اي هزيمة حتى لو كانت صغيرة )

الكيان الصهيونى يبحث عن نصف نصر عبر حليفة الأمريكي صاحب المشاريع الناعمة والمشبوه لذلك كثر الحديث عن وجود قوات عربية ودولية أو وجود للسلطه الفلسطينية، او إدارة محلية فلسطينية، كل هذا الخيارات صعبة التحقيق مع وجود المقاومة الفلسطينية ورفض الشعب الفلسطيني لها،
بعد شهر من المعركة كانت الولايات المتحدة الأمريكية تصٌر على سؤال لقادة الكيان( ماذا بعد الحرب وكان الجواب الهروب )

اليوم وبعد تسعين يوماً لأول مرة يجتمع الكابينت للحديث عن غزة ما بعد الحرب وقد تفجر الاجتماع نتيجة أزمة الخيارات المغلقة،

•دلالات تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر .

يعيش الكيان الصهيونى في أسوء مراحله منذ قيامه عام ١٩٤٨ فالمعركة المتواصلة في قطاع غزة أحدثت تهشيم استراتيجي لكافة منظوماته لن يستطع الحد من تداعياتها التي تهدد مستقبله.
إن عملية القتل والتدمير الممنهج لقطاع غزة لن ترمم هذا التهشيم الاستراتيجي وهو يدرك ذلك جيداً،

لقد أسقطت عملية طوفان الأقصى فكرة البقاء لديه من خلال:

أولاً: تحطيم أسطورة( الجيش الإسرائيلي ) هذا التحطيم الذي لا يزال متواصلاً على يد المقاومة الفلسطينية، هذا (الجيش الأسطورة) الذي أخافت غالبية النظام الرسمي العربي وبعض الفلسطينيين حتى وصلت إلى فكر جزء من النخب العربية وجزء من الشعوب العربية،

ثانياً : إن تحطيم هذه الأسطورة تعني فقدان الثقة المتعالية من المجتمع الإسرائيلي الذي كان يعتقد أن لديه جيش قوي يستطيع ليس هزيمة الفلسطينيين فحسب بل هزيمة العرب أيضاً وأنه يستطيع أن يحقق له الأمن المطلق سقوط هذه الأسطورة لدى المجتمع الإسرائيلي تعني عليه التفكير بمغادرة هذه الأرض التي لا يتوفر فيها الأمان المطلق كما كان يعتقد.

ثالثاً: إن تحطيم الأسطورة تعني فقدان ثقة الحلفاء( أمريكا والغرب) بقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء خارجي وبالتالي سيصبح هذا الحليف والشريك والقاعدة المتقدمة لهم في المنطقة العربية مثار شك في قدرة على البقاء.

رابعاً: على مستوى المؤسسة الأمنية فأجهزة الأمن الإسرائيلية ( جهاز الموساد .. جهاز الشين بيت. جهاز الشاباك. الخ ) كانت مثار إعجاب المجتمع الإسرائيلي وحلفاء إسرائيل ومثار رعب للعديد من الدول التي كانت تخشى من عملياتها وقدرتها على الوصول لأي من الأهداف التي تريدها، عملية طوفان الأقصى وجهت لها ضربة قاسمة ومرغت أنفها في التراب أمام المجتمع الإسرائيلي وأمام العالم كله، ليخرج الناطق باسم الخارجية الأمريكية ويقول: لا نعرف ماذا حصل وكيف حصل وكيف استطاع الفلسطينيين تجاوز كل المنظمومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية) لقد أصبحت هذه المؤسسة مثار سخرية لكافة المحللين الاستراتجيين في العالم.

حتى مراكز أبحاثهم الأمنية التي كانت تشكل مرجعية للعديد من مراكز الأبحاث العالمية والعربية والفلسطينية أصيبت بالصدع.

إن فكرة البقاء أصبحت على المحك بالمعنى الاستراتيجي لهذا الكيان في المدى المتوسط والبعيد ،
في مقابل هذا الانتصار الاستراتيجي الذي حققته المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى ستحاول إسرائيل ومن خلفها أمريكا والغرب عبر عملية التدمير الشامل الذي تقوم به إسرائيل لقطاع غزة وقتل آلاف المدنيين العزل وضع المقاومة الفلسطينية في زاوية (الندم) لما قامت به وإسقاط فكرة المقاومة التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني والعربي لاستراد حقوقه المشروعة.

إن إسرائيل ستقاتل من أجل فكرة البقاء وترميم التحطيم الذي أصابها من خلال إنجاز انتصار نوعي على قوى المقاومة في غزة، لكن مؤشرات الميدان تقول أن المقاومة والشعب الفلسطيني سيواجه وسيصمد وسيتمسك بفكرة إمكانية هزيمة الاحتلال الصهيوني عبر المقاومة،
القتال الآن بعد عملية طوفان الأقصى بالمعنى الاستراتيجي يدور حول الفكرة مَنْ يسقط فكرة مَنْ،
الاحتلال أم المقاومة؟

إذا خرجت المقاومة الفلسطينية من هذه المعركة سليمة فإن إسرائيل ستدخل بكل تأكيد بالعد التنازلي لوجودها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى