السلطة تصر والفصائل ترفض… ما السيناريوهات المقبلة للانتخابات الفلسطينية؟
منذ إعلان رئيس السلطة الفلسطينية إطلاق عملية الانتخابات التشريعية والرئاسية في فلسطين، ما زال الملف يراوح مكانه، في ظل الخلاف الحاد بين حركة فتح والفصائل الفلسطينية في غزة على رأسها حركة حماس.
وترفض الفصائل الفلسطينية مقترح عباس بإجراء انتخابات تشريعية تتبعها رئاسية بعد فترة، حيث تطالب بضرورة أن تتزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية في آن واحد، الأمر الذي فتح باب الخلاف على مصراعيه بين الطرفين.
وأكد رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد أشتية، الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرين الأول، أنه “إذا لم تكن هناك مصالحة فلسطينية داخلية فإننا ذاهبون نحو إجراء الانتخابات الفلسطينية”.
وخلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن الرئيس أبو مازن أن حوارًا سيبدأ مع حركة “حماس” وكل التنظيمات تحضيرا للانتخابات العامة المقبلة، من دون تحديد موعدها.
خلافات قائمة
وتقول حركة حماس إنها متمسكة بموقف الفصائل، بشأن إجراء انتخابات عامة شاملة ومتزامنة، فهي حق للشعب واستحقاق على السلطة، مطالبًا قيادة حركة فتح بإبداء الجدية الحقيقية في إجراء الانتخابات الشاملة على أرضية التوافق الوطني تجاه كامل تفاصيلها.
وتصر حماس على ضرورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، وتتمسك بمبادرة أطلقتها فصائل فلسطينية ووافقت عليها حماس، تتحدث عن ضرورة أن يسبق إجراء الانتخابات حدوث توافق وطني بين الفصائل الفلسطينية، فيما لم تعلق حركة فتح على هذه المبادرة، لكنها رفضتها ضمنيًا.
واتهمت حركة فتح، حركة حماس بـ”التهرب من إجراء الانتخابات الفلسطينية”، مشيرة إلى أن حماس تتعامل مع الحكم في قطاع غزة باعتباره ملكًا لها وليس ولاية مؤقتة”.
وقال الناطق باسم فتح وعضو مجلسها الثوري، جمال نزال إن “حماس ليست معنية بالانتخابات؛ لأنها تعرف أن الانتخابات قد تكلفها الحكم أو ماء وجهها أو كلا الأمرين معًا”، على حد تعبيره.
وقال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد أشتية في كلمة له خلال اللقاء الوطني المفتوح لمؤسسات وفعاليات محافظة طولكرم: “إذا لم تكن هناك مصالحة فنحن ذاهبون للانتخابات، وإذا كان منظورنا للمصالحة ليس مقبولًا لدى حماس، وإذا لم يكن منظور حماس غير مقبول لدينا، فالاحتكام للشعب والانتخابات هي الحل الأمثل”.
وأوضح أن منظور “حماس” للمصالحة يستند على التقاسم الوظيفي، ولكن نحن نريد سلطة وسلاحا ودولة واحدة.
إشكاليات انتخابية
الدكتور أسامة شعث، السياسي الفلسطيني، وأستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، قال إن “هناك عدة تحديات تواجه القيادة الفلسطينية في مسألة إجراء الانتخابات، أهمها محاولة إسرائيل منع الشعب الفلسطيني في القدس الشرقية من ممارسة حقهم الديمقراطي بالعملية الانتخابية، بالإضافة إلى محاولة بعض الأطراف عرقلتها في غزة بسبب الانقسام”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “هناك ضغوطًا وإصرارًا من القيادة الفلسطينية على إجراء انتخابات عامة تشمل البرلمان والرئاسة، استنادًا إلى كلمة الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة في الأمم المتحدة، والذي أعلن خلالها إطلاق الانتخابات”.
وتابع أن “القيادة الفلسطينية تصر على إجراء الانتخابات لكن حركة حماس وبحسب تصريح من قاداتها تحاول التهرب من الاستحقاق، تحت أي ذريعة، متحججين بضرورة أن تتزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقت واحد”.
ذرائع واهية
ومضى قائلًا: “هذا الأمر لا يحتاج إلى ذريعة، لا بد أن يكون هناك رغبة صادقة بضرورة إجراء الانتخابات وتنفيذها بأسرع وقت ممكن، نظرًا للحاجة الماسة للشعب الفلسطيني لتجديد شرعياته السياسية على مستوى المؤسسات التشريعية والتنفيذية”.
وأكد الدكتور شعث، أن “هناك إشكالية أخرى تتعلق بالنظام الانتخابي، فعلى أي أساس سيتم إجراؤها؟، إن كانت تحت مسمى انتخابات السلطة الفلسطينية سيكون فقط انتخابات مجلس تشريعية ورئيس للسلطة، أما إن كانت تحت مسمى انتخابات الدولة الفلسطينية سيكون من الضروري إقرار نظام انتخابي تحت اسم دولة فلسطين، لانتخاب رئيس الدولة، وهنا يحق لكل المواطنين سواء في الداخل أو الخارج ممارسة العملية الديمقراطية”.
وأنهى حديثه قائلًا: “يجب على كل الفصائل والقوى السياسية والوطنية والنقابية الفلسطينية أن تستعد لمرحلة تجديد الشرعيات الوطنية وممارسة الملية الديمقراطية دون اللجوء إلى حجج وذرائع واهية”.
صعوبة إجراء الانتخابات
من جانبه قال مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني من غزة، إن “لا أحد يرفض فكرة الانتخابات كمبدأ، ولكنها تحتاج إلى تهيئة الظروف المحيطة، والتشاور حول قانون الانتخابات، والمحاكم، ومن الذي سيجريها، والأمر لم يجر كما يجب أن يكون”.
وأضاف في تصريحاته أن “الرئيس الفلسطيني يريد أن يجري انتخابات دون تغيير أي شيء، وهذا لا يمكن تحقيقه في هذا الوضع، وليس صحيحًا أن هناك حوارًا يدور في غزة بين السلطة والفصائل من أجل التشاور حول الانتخابات”.
وتابع: “هناك مطالب واضحة للقوى والفصائل السياسية، وهي الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل الاتفاق على كل ما يتعلق بالانتخابات، وأن تكون هذه الانتخابات متزامنة، التشريعية والرئاسية، وليس كما يريدها عباس تشريعية فقط”.
ومضى قائلًا: “موقف القوى والفصائل ثابت، ومتوقع أن محمود عباس لن يخوض الانتخابات، وطرحه للفكرة مجرد مناورة، وطالما الفصائل ترفض الطريقة التي يريدها عباس، والقانون الذي سنه دون توافق وطني، لن يكون هناك انتخابات إلا لحركة فتح وفي الضفة العربية فقط”.
وأنهى حديثه قائلًا: “في ظل الظروف المحيطة، ليس من العقل أن يجري عباس الانتخابات في الضفة الغربية، لذا ستبقى الأمور على حالها”.
ومؤخرًا أصدرت 8 فصائل فلسطينية، مبادرة تحمل رؤية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية.
وتتكون المبادرة من 4 بنود تؤكد ضرورة اعتبار اتفاقيات المصالحة السابقة مرجعية لإنهاء الانقسام، وتطالب بعقد اجتماع للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير، واعتبرت أن المرحلة الممتدة ما بين أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ويوليو/ تموز 2020، مرحلة انتقالية لتحقيق الوحدة، أما البند الأخير في المبادرة، فقد نص على إجراء انتخابات شاملة تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، منتصف عام 2020.
وجرت آخر انتخابات رئاسية في الأراضي الفلسطينية عام 2005، أسفرت عن فوز الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما جرت آخر انتخابات تشريعية عام 2006، أفرزت سيطرة لحماس على غالبية مقاعد المجلس التشريعي، قبل أن تبدأ أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، وتتعطل الحياة الديمقراطية في فلسطين.