آخر الأخبارتحليلات و آراء

“العرلنديون” الجدد ..

لؤي عوض الله

ترددتُ كثيرا قبل البدءِ في كتابة هذه الزاوية، لم يكن ترددي نابعاً من خوفٍ أو تملقٍ وإنما حيرة في توصيف ما يحدث ومدى التدليس والكذب الذي قد نراه أو نسمعه من البعض، أو محاولة لإخفاء الحقائق أو استغلال الوقائع بما يخدم مصالحهم، دون ذرة إحساس أو خجل.

وكما تعودنا في خضم الانتخابات البرلمانية الفنلندية تزداد الحملات الدعائية للمرشحين شراسةً، وسأصفها بالحملات الادعائية كما أحب أن أطلق عليها، إما أن تكون بالتصريح حينا أو بالتلميح أحيانا أخر.

حيث لا يتوارى هؤلاء ومن بينهم “العرلنديون” في إبراز نواياهم وأهدافهم في برامجهم الانتخابية إما بالتخلص من المهاجرين لكونهم يشكلون عبئا ماديا وحتى معنويا على الدولة، أو بابتداع قوانين تنغص عليهم حياتهم، وفي الطرف الآخر هناك من يقف سدا منيعا من الفنلنديين ليدافع عن أهمية دورهم ، وضرورة اندماجهم بالمجتمع الفنلندي.

 إلى هنا تبدو الأمور طبيعية، جو انتخابي تنافسي يحاول كل طرف إظهار توجهاته وجذب الناخب لصندوقه الانتخابي ولمسوغاته من مخططات.

الغريب في الأمر أنه في تعليق لي على صفحة أحد النواب المستقبليين وممن  أسميتهم بالعرلنديين الجدد، معقبا على زيارته التي قام بها مع رئيس إحدى الجاليات العربية لدائرة الهجرة الفنلندية، والتي أسفرت عن نتائج طيبة ووعود قاطعة من مديرها بحل الملفات العالقة وتسريع الإجراءات ومعالجتها، إذ ذكرت له أن هذه الزيارة تأخرت كثيرا وهي تندرج تحت إطار حملته الانتخابية، لمعرفته الجيدة بأهمية هذا الموضوع وحساسيته للعالقة ملفاتهم أو حتى المرفوضة طلبات إقاماتهم منذ سنين، وهنا أنكر وادعى بأنه لا يجني مكسبا ماديا أو حتى معنويا من ذلك، وأن الدافع الإنساني وضميره الذي يؤنبه لوجع هؤلاء تحرك ولكن أثناء الانتخابات،ولم يكتفي بهذا فقط بل استهزأ بي بعد أن كشفت نواياه و التي أعتبرها واضحة ويستطيع أي طفل رؤيتها، طالبا مني أن أترشح وسيقوم بإعطائي صوته..ولما لا! ..لكنني أعلم بأن هذا لن يحدث .. فأجبته بأنني لا أملك القدرات السياسية الجبارة والكافية، ولا أستطيع إعطاء الوعود لليائسين دون الالتزام بتنفيذها..وهنا أحب أن أنوه إلى أنه قام بحذف تعليقي وحظري من صفحته الرسمية، وهذا إن دل فإنما يدل على عقليته وأخلاقه التي يتعامل بهما مع منتقديه.

لكن وما بعد لكن.. يبدو أن سيادة النائب العرلندي لم يكن بالذكاء الكافي فخرج مسرعا ليفضح نفسه من خلال فيديو بثه على صفحته ليؤكد ما نفاه في حينها من خلال زيارته الميمونة لدائرة الهجرة ومساعيه المحمودة لحل الأزمة والتي لم نجد له ذاك الدور الذي يذكر، إلا ببعض التعليقات السابقة التي ازدادت سوءا في فترة نيابته بل لم يحرك ساكنا حينها.

أضف إلى ذلك تمجيده المبالغ به لمواقف لا ننكر بأنها تُذكر فتشكر، لكنه نشرها على صفحته وكأن مشاكل المهاجرين انتهت ..فكتب ” فنلندا تخصص مكانا للصلاة في المطار” وأكد على أن الشرطة ستتخذ إجراءات رادعة ضد من يحاول تمزيق القرآن” ليعطيك إيحاءً بأن له يدا طويلة فيه، أو ليبرز دور الدولة وديمقراطيتها مع المسلمين, ونحن نعلم جيدا أن ما حدث ما هو إلا محاولة لمغازلة النظام التركي من قبل فنلندا في سبيل حصولها على الموافقة على انضمامها كعضو في حلف الناتو.

 سمه إن شئت تمجيدا مطعما بالتطبيل وتفوح منه رائحة عفنة من التملق والنفاق لطالما لمسناه من هؤلاء في دولنا والأمثلة كثيرة كالمراوغة والوعود البراقة الكاذبة والادعاءات، وكما يقول المثل الروماني “الإنسان لا يستطيع أن يختبئ خلف إصبعه”.

هذا حال الكثيرين من الناس ومن أمثال حضرة النائب المخضرم وبعض المرشحين العرب، ديدنهم خداع الناس والاستخفاف بعقولهم وإيهامهم من خلال الشعارات التي يطلقونها بأن مشاكلهم سوف تحل،وللأسف ستجد من يصدقهم ويطارد أوهامهم لأنه يبحث عن بصيص بصيص أمل أو سراب يطارده لاهثا لا يهم، فالمهم أن يصبح مواطنا ذو رقم في بطاقة إقامة ليرتاح من كابوس عاشه ويتعايش معه لحظة بلحظة ، عله يستيقظ منه يوما ما مرتاح البال دون الخوف من الترحيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى