آخر الأخبارتحليلات و آراء

العَرلِندي السياسي.. وفن “الحنجلة”

جَرْ شَكَلْ

لؤي عوض الله

قد يتساءل البعض من هو العرلندي السياسي! ولكي تتضح الصورة أكثر فهو مصطلح تبادر إلى ذهني ليصف خليطا لمرشح سياسي عربي الموطن وفنلندي الجنسية، يتقن ممارسته لفن “الممكن” أي السياسة بخلطة من المراوغة وازدواجية المعايير التي يتميز بها أصحاب الدماء الزرقاء مع رشة من الوعود الكاذبة.

” إن كنت تخاف على مستقبل أبنائك فصوت لي حتى نقف أمام الفنلنديين المتشددين”، هذا ما قاله أحدهم، فيما قال آخرُ “البرلمان ينقصه الخبراء” من أمثاله، ومرشحة أخرى أثرتنا بتصريح لإحدى الصحف الفنلندية لتعبر عن مدى الظلم الذي تتعرض له المرأة العربية من فقدان حقها في الحياة أو منعها في دولتها العربية من ممارسة الغناء، هذه عينة من تصريحات المرشحين من أصول عربية للبرلمان الفنلندي في إطار حملاتهم الدعائية لكسب الأصوات.

ويبدو أن هذا الخطاب ليس مستغربا من هؤلاء الذين قدموا من تلك المناطق التي يجري فيها تزوير الحقائق، أوممارسة سياسة التخويف من الطرف الآخر، حتى وصل الأمر بهم ادعاء ما هو ليس فيهم  من خصال وبشكل مبالغ فيه، وهو ادعاء يعكس مدى الغرور في تركيباتهم، أو هو التدليس الممزوج بالمبالغات والنفاق السياسي، وهذا للأسف يكشف أن السياسي العربي أينما يذهب أو يستقر ينقل معه سلبياته ومساوئه  دون خجل أو مواربة مع غفلة الضمير أو موته، وهنا ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً “بالتقيّة” السياسية.

في حين أن انفصال الأقوال عن الأفعال يظهر في مواقفهم أثناء تواجدهم في منصبهم كنواب، وهذا ما لمسناه في مواقف أحدهم، والذي لم يحرك ساكنا حين فُرض تدريس الجنسيّة المثليّة في المدارس على أبناء المسلمين في سن ما بين السادسة إلى الثانية عشر، رغم اعتراض ومطالبة الآباء والأمهات باستثنائهم.

ومع أن الحرية تصبح تعسفا وقهرا إذا ما مست حرية وعقائد الآخرين، فقد لاحظنا في الآونة الأخيرة  إصدار قوانين عنصرية وجائرة متشددة تبنّاها البرلمان الفنلندي وصدّق عليها لتصب في صالح الأحزاب اليمينية والمتطرفة، ولكنها ضد اللاجئين والمهاجرين، لأنها تهدف إلى التخلص من الأعراق الأخرى وتوطين الأوروبية بدلا منهم، بل ما زلنا نسمع عن تقديمهم لمشاريع قوانين تحرم الإنسان من أبسط حقوقه لأنه لا يملك زرقة عيونهم أو بياض بشرتهم ، والمفارقة أنهم لا يكتفون بذلك، بل يصرحون بكل تبجح ، دون أن يرف لهم جفن.

وهنا يظهر التناقض بين ما نراه من سلوك ومواقف عملية وبين ما يدعيه هؤلاء  من إنجازات  هي في الواقع لا شيء . وهنا نتساءل ما قيمة إعطاءهم أصواتنا في حين أن حضورهم النيابي يقول عمليا  إنهم  لا يستحقون ذلك؟  ومن ثم لمّا كان الجزاء من جنس العمل، فإن أبسط حقوقي هو الإحتفاظ بصوتي الذي هو شهادة إعتراف إلى أن أجد من يستحقه. وهذا الحجب لصوتي  هو بمثابة ليكون حائط صد في مواجهة كل  من يحاول تشويه ثقافتنا وقيمنا وفرض ثقافته المسخ علينا، دون مراعاة أدنى المعايير لخصوصيتنا،  سواء كان ذلك باسم الديمقراطية والحرية أو باسم القوانين التي تفاجئنا مع كل صباح بهدف خدمة تلك التوجهات التي لم تعد خافية على أحد.كونها تمس هويتنا الدينية والثقافية وهو ما لن أتهاون فيه مع أي أحد..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى