الفلسطيني الذي أطلقت الشرطة الإسرائيلية النار عليه من الخلف يكشف تفاصيل «مرعبة» عن الحادث
قال شاب فلسطيني أصيب برصاص القوات الإسرائيلية في ظهره، في حادث صُوِّر بمقطع فيديو في 2018، إن المقطع لا يُظهر سوى جزء صغير مما عاناه في ذلك اليوم.
الفلسطيني الذي أُطلِقت عليه النار من الخلف يقول إن الإسرائيليين عذبوه لساعات
وحسبما نقل موقع ABC News الأمريكي عن وكالة Associated Press، قال كرم القواسمي، الإثنين 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن سيارة جيب عسكرية دهسته، ثم تعرَّض للضرب عدة ساعات قبل أن تفرج عنه القوات الإسرائيلية، لتطلق عليه رصاصة مطاطية بعدها من الخلف وهو يبتعد عنهم، نافياً في الوقت نفسه أن يكون المحققون الإسرائيليون قد اتصلوا به.
وأوضح في مقابلة أُجريت بمنزله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل: «مُتُّ عدة مرات ذلك اليوم. عذَّبوني بطريقة شعرت معها بأنهم يقتلونني. وعندما أطلقوا النار عليَّ، شعرت بأنها نهايتي. فأغمضت عينيَّ ولفظت الشهادتين».
ويُذكر أن إسرائيل احتلت الضفة الغربية في حرب يونيو/حزيران عام 1967، وأبقتها تحت الاحتلال العسكري أكثر من 50 عاماً. وبرغم أن السلطة الفلسطينية تتمتع بحكم ذاتي محدود في أجزاء منها، تفرض إسرائيل عليها سيطرة أمنية شاملة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحادث وقع منذ عام ونصف العام، لكنه لم يلفت انتباه الجمهور إلا الأسبوع الماضي، حين أذاعت القناة 13 الإسرائيلية مقطع فيديو مُسرباً لحادث إطلاق النار، الذي زُعم أن منفِّذه أحد أفراد وحدة شرطة الحدود الإسرائيلية.
وقد أطلقت قوات الشرطة الإسرائيلية النار على الشاب بعد تهديدات له
ويُسمع بالمقطع صوت امرأة تصرخ في وجه شاب فلسطيني، قائلة: «ابتعد عن هنا» وهو يمشي ببطء ويداه مرفوعتان في الهواء. ثم يرتفع صوت ذكوري يخبره بأن ينزل يديه، في حين تصرخ المرأة بوجهه مجدداً. وبعد نحو 20 ثانية، يُسمع صوت رصاصة ويسقط الرجل على الأرض، وهو يصرخ متألماً!
ولا يظهر مُطلِق النار في الفيديو، الذي يبدو أن أحد أفراد قوات الأمن صوَّره.
قال القواسمي (22 عاماً)، إنه الرجل الذي ظهر بمقطع الفيديو، قائلاً إن مشكلاته بدأت في وقت مبكر من صباح 25 مايو/أيار عام 2018.
وقال إنه أنهى مؤخراً دراسته في المحاسبة بجامعة فلسطين التقنية. وبسبب قلة الوظائف في الضفة الغربية، ترك منزله بالخليل واتجه إلى بلدة الزعيم؛ على أمل العثور على وظيفة في محطة وقود.
وبعد اجتماع في المحطة، كان يسير باتجاه حاجز عسكري حين قال إن سيارة جيب عسكرية توقفت وصدمته، وألقت به لعدة أمتار. وقال إن ضباط شرطة الحدود ترجلوا من السيارة وسحبوه.
وقال: «أخذوني إلى السيارة الجيب، وقيَّدوا يديَّ وأخذوني بسيارتهم إلى نفق قريب، وبدأوا في ضربي. لقد لَوَوْا ذراعي، وضربوني بأيديهم وأحذيتهم وبنادقهم في جميع أنحاء جسدي».
وقال الشاب إن الشرطة الإسرائيلية ضربته بشكل مُوجع قبل أن تطلق عليه النار
وأوضح الشاب الفلسطيني أنه كان يحمل حقيبة صغيرة بها ملابس العمل، لكن القواسمي، الذي لا يعرف كثيراً من العبرية، يقول إنه يعتقد أن هذه القوات اشتبهت في أنه كان يحمل سكيناً.
وأضاف: «فهِمت بعض الكلمات، مثل (السكين). اعتقدت أنهم سيقتلونني ويتركون سكيناً بجوار جسدي». وقال إن حشداً من رجال الشرطة ضربوه ضرباً مبرحاً، وسجَّل أحد الضباط ذلك على هاتف محمول.
وثمة ضابطة بينهم كانت شديدة العدائية. وقال: «لقد لَوَتْ ذراعي خلف ظهري، وجعلتني أركع بطريقة مؤلمة للغاية». وقال إن ثمة ضابطة أخرى كانت تقف وتشاهد.
وقال كرم إنه بعد أكثر من ثلاث ساعات، أعادت إليه القوات الإسرائيلية بطاقة هويته، وأمروه بالمغادرة.
وأضاف: «مشيت، وعندما نظرت إلى الوراء رأيت ثلاثة جنود يصوبون بنادقهم نحوي. كنت مرتعباً. مشيت ببطء، وكان قلبي ينبض بسرعة. أطلق أحدهم رصاصة أصابتني في ظهري. سقطت وظننت أني موشك على الموت. وأغمضت عينيَّ ولفظت الشهادتين».
هرع إليه أحد الجنود وأخبره بأن يغادر، إذ قال: «وقفت وكنت مرعوباً، ومشيت. واصلت المشي أكثر من ساعة».
وتستخدم الشرطة الإسرائيلية الرصاص المطاطي كثيراً ضد الفلسطينيين
وتستخدم القوات الإسرائيلية غالباً الرصاصات المطاطية لتفريق الحشود. وهذه الرصاصات من المفترض ألا تكون قاتلة، وإن كانت تطلَق بسرعة عالية، ويمكن أن تكون مؤلمة للغاية.
قال القواسمي إنه وصل في النهاية إلى قرية فلسطينية قريبة، حيث غيَّر ملابسه وواصل طريق عودته إلى الخليل. وروى قائلاً: «ذهبت إلى المستشفى، لإجراء فحوص. كانت هناك كدمات في كل مكان، وكانت الرصاصة المطاطية أصابت نهاية العمود الفقري».
وأضاف أنه قضى فترة تعافٍ في المنزل شهراً، وعانى من كوابيس وألم جسدي عدة أشهر بعد ذلك. وعرض ما قال إنه القميص الأبيض الذي كان يرتديه في ذلك اليوم، وهو قميص يحمل العلامة الرياضية لشركة أديداس، وكان مثقوباً من الظهر حيث أصابته الرصاصة.
ومنذ بث الفيديو، أصبح القواسمي من المشاهير محلياً. وخلال المقابلة، تلقى اتصالاً من محامٍ إسرائيلي عرض عليه تمثيله قانونياً. واقترب منه عديد من الأشخاص في أحد المطاعم، وسأله بعضهم مازحين: كم من المال يُتوقع أن يحصل عليه من التسوية القانونية؟
وقالت وزارة العدل الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، إنها أكملت تحقيقاً في القضية، وستعلن قريباً قراراً نهائياً بشأن توجيه الاتهام إلى الضباط الذين كانوا في مكان الحادث، ومن ضمنهم شرطية يُعتقد أنها هي من أطلقت الرصاصة.
وتزعم الشرطة الإسرائيلية أنها أقالت الشرطية التي أطلقت الرصاص على الشاب
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن الشرطية قد أُقيلت فوراً من الخدمة، بعد أن علمت القوة بالحادث. وقالوا إن الضباط الآخرين الذين كانوا في مكان الحادث جرى نقلهم.
وورد في بيان للشركة الإسرائيلية: «هذه حالة لا تصف بأي شكل من الأشكال سلوك أو عمليات شرطة الحدود».
وقال القواسمي إنه لم يقدم شكوى ضد قوات الأمن، معتقداً أن ذلك لن يُحدث أي فرق.
ويتهم الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية قوات الأمن الإسرائيلية بالتستر المستمر على الانتهاكات، وإجراء تحقيقات غير جادة حولها.
على سبيل المثال، قال القواسمي إن المحققين الإسرائيليين لم يطلبوا مطلقاً استجوابه. ولم يردَّ مسؤولو وزارة العدل على الاستفسار عن سبب عدم إجراء مقابلة مع القواسمي.
وفي عام 2016، توقفت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان عن العمل مع الجيش الإسرائيلي في مثل هذه التحقيقات، متهمةً إياه بالتغطية على القضايا.
وقال أميت غيلوتز، المتحدث باسم المنظمة، إن من الشائع عدم إجراء مقابلات مع الضحايا المزعومين، ونادراً ما تتم معاقبة القوات بحزم.
وأضاف: «الجانب الاستثنائي الوحيد لحادث القواسمي هو أنه صُوِّر ونُشر».