انتخابات الرئاسة تستحوذ على اهتمام التونسيين وتصرف نظرهم عن التشريعيات
تحظى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية باهتمام كبيرة من قبل الشعب التونسي، والتي يتنافس فيها كل من المترشح المستقل قيس سعيد ورئيس حزب “قلب تونس” نبيل القروي.
لا حديث في الشارع التونسي هذه الأيام إلا عن الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها ورغم أهمية الانتخابات التشريعية المبرمج إجراؤها في 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، والتي ستعبد الطريق أمام انتخاب أعضاء جدد للبرلمان التونسي وتفسح المجال أمام الأحزاب الفائزة لتكوين حكومة جديدة إلا أن منصب رئيس الجمهورية القادم يحظى باهتمام أكبر من قبل التونسيين والذي يتنافس عليه كل من المستقل قيس سعيد ورئيس حزب “قلب تونس” نبيل القروي الموقوف بالسجن.
استحواذ الانتخابات الرئاسية باهتمام الناخب التونسي أرجعه المحلل السياسي بولبابة سالم إلى تزامن الحملة الانتخابية للمرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية مع العطلة الصيفية فكانت محل متابعة من قبل العائلات التونسية و خاصة الشباب إلى جانب إجراء مناظرة تلفزيونية تم فيها توحيد البث بين القنوات التلفزية العمومية و الخاصة بين مختلف المترشحين والتي حظيت بمشاهدة قياسية زادت من اهتمام التونسيين بهذا الاستحقاق الانتخابي.
النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية…صادمة
المحلل السياسي بولبابة سالم يرى أن النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية كانت غير متوقعة وبمثابة الصدمة ما دفع في نظره المواطن التونسي إلى أن يكون شغله الشاغل الأسماء التي مرت إلى الدور الثاني من هذه الانتخابات وهما قيس سعيد ونبيل القروي.
اهتمام التونسيين بالانتخابات الرئاسية قابله غياب التركيز على الانتخابات التشريعية على الرغم من تواصل الحملات الانتخابية الخاصة بها في كافة محافظات البلاد، وهو الأمر الذي رجحه بن سالم أن ينعكس سلبا على نسبة مشاركة الناخبين والتصويت لاختيار أعضاء جدد بالبرلمان.
الرمزية التاريخية وكاريزما الرئيس تجذب التونسيين
المؤرخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي ذهب في تحليله لمدى الاهتمام الكبير للتونسيين بالانتخابات الرئاسية إلى البعد الرمزي والتاريخي لرئيس الجمهورية والكاريزما التي يحظى بها كل من يصل إلى قصر قرطاج انطلاقا من أول رئيس للبلاد الراحل الحبيب بورقيبة وسجله النضالي في حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار والتصاقه بالشعب في معركة التحرر وصولا إلى الرئيس الثاني في تاريخ تونس زين العابدين بن علي الذي عرف عهده بالصرامة.
ورغم محدودية الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها الرئيس في فترة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 بتونس، إلا أن منصب رئاسة الجمهورية بقي يعرف شيئا من” القداسة” لدى التونسيين، الأمر الذي سيلقي بظلاله في التأثير على إقبال التونسيين على الانتخابات التشريعية التي قد تشهد عزوفا في 6 من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، على حد تعبيره.
من جهته أشار الكاتب الصحفي والأكاديمي نزار مقني إلى أن مسألة اهتمام الشارع التونسي بالانتخابات الرئاسية على حساب الانتخابات التشريعية يعود إلى الصورة النمطية التي كرست في مخيال التونسي إذ يرى في منصب رئيس الجمهورية السلطة الأولى في الدولة رغم أن الدستور التونسي يعطي صلاحيات أكثر لرئيس الحكومة.
موجة صعود المستقلين قد يعرقل تشكيل الحكومة
موجة صعود المستقلين إلى البرلمان كما في رئاسة الجمهورية نتيجة التصويت “العقابي” للناخبين يراه نزار مقني عقبة صد أمام إمكانية تشكيل الحكومة نتيجة غياب التوافق أو الائتلاف الأغلبي لتشكيلها و بالتالي قد يفضي ذلك إلى توقف مؤسسات الدولة وفرض سيناريو إجراء انتخابات مبكرة إذا لم تتشكل الحكومة في ظرف 4 أشهر وفق ما يقتضيه الدستور التونسي.
الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس أكدت أن موعد 13 من أكتوبر 2019 أصبح الموعد الأقرب لتنظيم الدور الثاني من الرئاسية بعد رفض جكميع طعون الاستئناف من قبل المحكمة الإدارية والمتعلقة بنتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
وجدير بالذكر أن الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 15 أيلول/سبتمبر 2019، أفضى إلى تصدر الأستاذ الجامعي المستقل قيس سعيّد النتائج بنسبة 18,4% من الأصوات وتلاه رجل الأعمال الموقوف في السجن على خلفية قضايا فساد ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي بنسبة 15.58%.