بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.. ما فرص إحياء المفاوضات بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية؟

لم يبعث ترأّس اليميني نفتالي بينيت للحكومة الإسرائيلية الجديدة، خلفاً لبنيامين نتنياهو، الأملَ لدى الفلسطينيين في أي تغيير، أو حتى إحياء “عملية السلام” بالنسبة للسلطة الفلسطينية، التي لا تزال ملتزمة باتفاقية أوسلو مع تل أبيب.

بل إن قدوم بينيت -رئيس مكتب نتنياهو السابق وخصمه اللاحق- زاد من مخاوف الفلسطينيين إزاء توسع الاستيطان بالضفة الغربية، وهو الأمر الذي يدعمه بينت بقوة.

لا تغيير قادماً مع حكومة نفتالي بينيت بالنسبة للفلسطينيين

وفي أول تعليق على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، قالت السلطة الفلسطينية إن سياسات الحكومة الجديدة بقيادة بينيت “لن تتغير” عن سياسات سلفه نتنياهو “إن لم تكن أسوأ”.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان رسمي، يوم الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، إن “هذه المرة تشكلت حكومة في إسرائيل بدون نتنياهو، ومع ذلك من غير الدقيق تسميتها حكومة تغيير، إلا إذا كان المقصود بالتغيير إزاحة نتنياهو، أما بالنسبة لسياساته فتقديرنا أنها لن تتغير إن لم نشاهد أسوأ منها، خاصة أن قيادات إسرائيلية في الحكومة الجديدة مثل بينيت وساعر كانوا يعتبرون على يمين نتنياهو”.

وأضافت: “وهنا، تبرز الأسئلة التالية: ما موقف الحكومة الجديدة من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية؟ ما هو موقفها من الاستيطان الاحتلالي وعمليات الضم؟ ما موقفها من القدس واحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة؟ وموقفها من الاتفاقيات الموقعة؟ وموقفها من قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وحقوق الإنسان؟ وأخيراً، ما موقفها من حل الدولتين والمفاوضات على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام؟”.

وأكدت الخارجية الفلسطينية أن “حكم دولة فلسطين على هذه الحكومة لا ينطلق من مبدأ مع أو ضد نتنياهو، أو وجوده من عدمه على رأس الحكومة، وليس من منطلق مواقفها السابقة، وإنما سيتم الحكم عليها بناءً على موقفها من جميع القضايا المذكورة أعلاه”.

لكن ما احتمال عودة المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؟

بينيت نجح بالإطاحة بأستاذه نتنياهو، رويترز

يقول تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن قادة إسرائيل الجدد، برغم عدم توقع إحداثهم أي تغيير كبير على القضايا الأمنية الكبرى، فإنهم قد يرغبون في استحداث بعض التغييرات الطفيفة لتمييز أنفسهم عن نتنياهو وسياساته، وربما انحرفوا عن مساره في بعض المجالات، مثل العلاقات مع السلطة الفلسطينية، التي عمد نتنياهو إلى إضعافها.

وبحسب الصحيفة، قد يكون أحد التحولات المحتملة عن مسار نتنياهو هو الامتثال لتوصية الجيش الإسرائيلي، التي صدرت مع نهاية جولة القتال الأخيرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، ومفادها قطع تدفق الأموال من قطر إلى غزة، وتوجيهها بدلاً من ذلك إلى السلطة الفلسطينية، وهذا يمكن أن يغير ميزان القوى بين حماس والسلطة الفلسطينية، ويعيد المسار التفاوضي بين السلطة وتل أبيب، برعاية بايدن، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وبالنسبة لرئيس الوزراء نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لابيد، ووزير الدفاع بيني غانتس، يُتوقَّع بروز تحديات أكثر استراتيجيةً من الآن فصاعداً في الساحة الفلسطينية وخارجها، إذ ستعتمد القوة التي ستُظهِرها إسرائيل ومجال المناورة الذي ستحصل عليه، على علاقاتها مع الإدارة الأمريكية.

ومثلما اعترف نتنياهو بشكل غير مباشر في خطابه بالكنيست يوم الأحد، 13 يونيو/حزيران، كانت العلاقة بينه وبين بايدن أكثر فتوراً. وسرعان ما احتضن بايدن بينيت، فاتصل به على الفور بعيد أداء الحكومة لليمين. وعلى عكس ما تزعمه المعارضة من الصعب تصوُّر أن يضغط الرئيس المتمرس على رئيس الوزراء الشاب للمضي قدماً برؤية حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية. مع ذلك لن تكون العلاقة بينهما شبيهة بأي شكل من الأشكال بدعم ترامب المطلق لنتنياهو.

حماس: تغير الحكومات لن يغير من طبيعة تعاملنا مع الكيان

من جانبه، قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم إن “تكرار العملية الانتخابية الإسرائيلية وإفرازاتها داخل الكيان الصهيوني، دليل على عمق الأزمة السياسية التي يعيشها هذا الكيان بالتوازي مع أزماته العسكرية والأمنية المتواصلة، كنتيجة لقوة وتأثير الفعل المقاوم الفلسطيني، وثبات وصمود شعبنا”.

وأضاف: “أياً كان شكل الحكومات الإسرائيلية لن يغير من طبيعة تعاملنا معه ككيان احتلالي استيطاني يجب مقاومته وانتزاع حقوقنا منه وبكل السبل، وأشكال المقاومة، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة”.

وتابع برهوم بالقول: “نحن مستمرون في ترسيخ معادلة أن الدم الفلسطيني والمقدسات خط أحمر، وأن سلوك هذه الحكومة على الأرض سوف يحدد طبيعة ومسار التعامل الميداني مع الاحتلال”.

أول زعيم حزب يميني ديني متشدد يصل إلى رئاسة الوزراء

وانتهت مرحلة حكم بنيامين نتنياهو في إسرائيل الأحد، ليخلفه زعيم حزب “يمينا” الديني المتشدد نفتالي بينيت على رأس الحكومة الجديدة، بعد أن نالت ثقة البرلمان. وفرض بينيت (49 عاماً)، وهو رجل أعمال سابق يملك ثروة تقدر بالملايين، نفسه في الساحة السياسية الإسرائيلية منذ سنوات بعد أن تتلمذ على يد نتنياهو، إذ كان مدير مكتبه.

ويعد بينيت أول زعيم حزب يميني ديني متشدد يتولى رئاسة الحكومة في تاريخ الدولة العبرية، بعدما شغل خمس حقائب وزارية سابقاً، بينها وزارة الدفاع في العام 2020.

وكانت بينيت في عام 2010 رئيس مجلس الاستيطان في “يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية المحتلة) وغزة”، والذي يعمل لصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية. وفي 2018، أعاد تسمية حزب البيت اليهودي باسم “يمينا”. وبعد ذلك، تحول بينيت إلى “صانع الملوك” في مرحلة دقيقة من مستقبل بنيامين نتنياهو السياسي، انتهت بإبعاد الأخير عن السلطة.

ويعتمد بينيت خطاباً دينياً قومياً متشدداً، ويقود حزب “يمينا” المؤيد للاستيطان وضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، كما يدعو إلى سياسة متشددة حيال إيران. ورغم خلفيته الدينية اليمينية لا يمتنع بينيت عن مصافحة النساء، ولا تعنيه الأسئلة حول مكانة الدين في الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى