تاريخ الصراع بين السعودية والإمارات وقصة الشيخ زايد الذي مات وفي فخذه رصاصة سعودية لم يتمكنوا من إخراجها
وقال منصور في تغريدة له بتويتر، إنه خلال 200 سنة جرت بين آل سعود وزايد بن نهيان ٧٥حربا، ناسبا ذلك لمصادر تاريخية مؤكدة حسب وصفه.
ونشب مؤخرا خلاف حاد بين السعودية والإمارات، ما استرعى اهتمام وسائل الإعلام العربية والغربية. لا سيما بعد خروج التوتر إلى السطح بتصريحات من المملكة تنتقد موقف أبو ظبي بشأن مستوى إنتاج النفط في إطار “أوبك+”.
ووفق محللين فإن هناك تراكمات في العلاقات السعودية-الإماراتية منذ حوالي عامين، وبدأت تظهر علنا في المرحلة الأخيرة، في ظل احتدام التنافس الاقتصادي والتناقض بين البلدين في الخيارات الاستراتيجي.
ويشار إلى أن تاريخ الصراع بين السعودية والإمارات طويل جدًا والخلاف تحت الرماد أكبر وأعمق، فهم ليسوا أصدقاء ولا أعزاء كما ظهر خلال الفترة الماضية، وإنما الحاجة اللحظية تقتضي هذا التحالف المؤقت.
“والإمارات خاضت 57 معركة ضد السعودية خلال الـ250 سنة الماضية، السعوديون ليسوا أصدقائي الأعزاء وإنما نحتاج لأن نتفاهم معهم فقط”، هذا ما قاله ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد نفسه في إحدى وثائق ويكيليكس التي سربت في نوفمبر 2010.
الخلافات الحدودية المتنازع عليها القديمة الجديدة
في عام 2006، أصدرت الإمارات في كتابها السنوي خرائط جديدة يظهر فيها منطقة متنازع عليها مع السعودية – سنأتي على ذكرها لاحقًا -، تسمى خور العيديد، تابعة للمياه الإقليمية الإماراتية.
وفي تصعيد من قبل السعودية أوقفت المملكة عام 2009 دخول المواطنين الإماراتيين إلى أراضيها باستخدام بطاقات الهوية كما هو معمول به، وذلك احتجاجًا منها على تغيير الإمارات خريطتها الجغرافية الموجودة على بطاقات الهوية بين مواطنيها.
وردت وزارة الخارجية الإماراتية على القرار السعودي بمطالبتها الإماراتيين الراغبين في السفر إلى السعودية أو عبور أراضي المملكة برًا إلى دول مجلس التعاون، استخدام جوازات سفرهم بدلاً من بطاقات الهوية.
وفي يونيو من العام نفسه، أوقفت السعودية آلاف الشاحنات عند المعبر الحدودي بينها وبين دولة الإمارات كنتيجة التوترات، وأوضحت أن ذلك جزء من تعزيز الرقابة على دخول السيارات من الإمارات إلى أراضيها.
كادت العلاقات تنقطع بين السعودية والإمارات في 2010
في عام 2010، كادت العلاقات تنقطع بين البلدين عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في “خور العيديد” واحتجز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي، مما ترك أثرًا كبيرًا على العلاقات بين البلدين هذه الأزمة الكبيرة كانت تتضخم يومًا بعد يوم.
ولفهم حكاية أزمة الخلافات الحدودية بين الطرفين، لا بد لنا من الرجوع في الزمن قليلًا إلى الوراء، فهذه المشكلة تتمثل في أراضٍ متنازع عليها منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، وهي حقل نفط الشيبة الذي تبلغ إنتاجية 500 ألف برميل يوميًا، ومنطقة خور العديد.
خور العديد وحقل “الشيبة”
حكاية هذا الخلاف كبيرة، بدأت مع محاولة الشيخ زايد آل نهيان إبان تأسيس دولة الإمارات ضم إمارتي قطر والبحرين للاتحاد الإماراتي، لتكون تسع إمارات وليس سبعًا كما هو الحال الآن.
هنا، وبالنظر إلى الخريطة، وقعت منطقة تدعى “خور العديد” مدارًا للخلاف بين البلدين في المنطقة الساحلية الفاصلة بين الإمارات وقطر، وكانت هذه النقطة بالتحديد السبب في اعتراض السعودية على إنشاء جسر بحري بين الإمارات وقطر عام 2005.
وبعد العديد من المفاوضات والمناورات بين البلدين وقعت السعودية والإمارات اتفاقية حدودية عام 1974، عُرفت باتفاقية جدّة، والتي نصت على امتلاك السعودية الساحل الذي يفصل بين قطر والإمارات، وضمنت عدم قيام تحالف بين البلدين قد يعتبر تحالفًا قويًّا يبسط سيطرته معها على منطقة الخليج.
في عام 1999 قاطعت الإمارات وبدعم من عُمان وكعلامة على الاحتجاج، مؤتمر وزراء الخارجية والنفط لدول مجلس التعاون الخليجي في السعودية، والذي عُقد بالتزامن مع تدشين حقلاً للنفط في “شيبة”، بذريعة أن الدولة المضيفة لا تشرك الإمارات في تقاسم عائدات النفط من هذا الحقل على الرغم من اتفاق 1974.
نصت اتفاقية جدة على ترسيم الحدود بين البلدين، حيث تنازلت السعودية عن جزء من واحة البريمي في مقابل الحصول على ساحل بطول نحو 50 كم يفصل بين قطر والإمارات، وكذلك امتلاك حقل “شيبة”، والذي يمتد جزء منه داخل أراضي الإمارات، كما حصلت السعودية على جزيرة الحويصات.
وفي عام 1999 قاطعت الإمارات وبدعم من عُمان وكعلامة على الاحتجاج، مؤتمر وزراء الخارجية والنفط لدول مجلس التعاون الخليجي في السعودية، والذي عُقد بالتزامن مع تدشين حقلاً للنفط في “شيبة”، بذريعة أن الدولة المضيفة لا تشرك الإمارات في تقاسم عائدات النفط من هذا الحقل على الرغم من اتفاق 1974.
مشكلة ترسيم منابع النفط
وتتمثل الخلافات الحدودية بين السعودية والإمارات في شقها الثاني في مشكلة ترسيم منابع النفط، حيث تسيطر السعودية على الجزء الأكبر من حقل الشيبة، في الوقت الذي تحاول فيه الإمارات التمسك بحقها في ملكية الحقل مستندة إلى خرائط ومستندات رسمية.
وبحسب نص الاتفاقية الموقعة بين الإمارات والسعودية بشأن حقل الشيبة، تدعي الإمارات أن الحقل العملاق يقع ما نسبته 80% ضمن أراضيها وتملك الحق في تطوير هذا الحقل والاستفادة من إنتاجه النفطي بشكل كامل.
كانت الأعوام 2006 وحتى 2009 ذروة هذا الخلاف، تعاملت فيها السعودية مع الأزمة كما تتعامل الآن مع دولة قطر، حيث منعت الإماراتيين من الدخول ببطاقاتهم، وأوقفت دخول شاحنات تجارية إليها، مما أدى إلى تراجع أبو ظبي وصمتها مجددًا على هذه القضية.
هذا وظلت الأمور بين البلدين محايدة حتى وفاة الشيخ زايد، ومع تولي ولي العهد خليفة بن زايد بعد وفاة أبيه، أثار هذه الاتفاقية مجددًا بين البلدين خلال أول زيارة للرياض في ديسمبر 2004، حيث تعتبر الإمارات هذه الاتفاقية ظالمة لها، وتقول إنها وقعتها في ظروف استثنائية، بينما تعتبر السعودية أن الاتفاقية جارية وأن من حقها منطقة العديد.
استمرّت هذه الأزمة وكبرت وتضخّمت عامًا بعد عام، وكما ذكرنا في الأعلى كانت الأعوام 2006 وحتى 2009 ذروة هذا الخلاف، تعاملت فيها السعودية مع الأزمة كما تتعامل الآن وحلفها مع دولة قطر، حيث منعت الإماراتيين من الدخول ببطاقاتهم، وأوقفت دخول شاحنات تجارية إليها، مما أدى إلى تراجع أبو ظبي وصمتها مجددًا على هذه القضية، وتم إرجاع المياه لمجاريها بشكل مؤقت بين البلدين، لكن الخلاف ما زال قائمًا، وربما يعود ليتفجّر مرة أخرى بعد أن ينتهي الحلفاء الأعداء من معاركهم الأخرى.
خلافات الأمراء ووثائق الويكيليكس
وتبين وثائق “ويكيليكس” المسربة عن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان كان يستهزئ بالسعوديين ونظامهم السياسي سرًا.
وكان يسخر من تأتأة الملك السعودي وينتقد جهله، كما حرض مسؤولين أمريكيين ضد ملوك السعودية وأمرائها، بينما كان يتظاهر في العلن أنه حليف للمملكة وأن العلاقات بينه وبين المسؤولين في الرياض بأفضل حال.
الشيخ محمد بن زايد حاول أكثر من مرة تحريض الأمريكيين ضد المملكة العربية السعودية، ولم يتوقف عند ذلك، وإنما تحدث بالعديد من الألفاظ التي تمثل إهانة للملك وللمسؤولين في السعودية، فضلاً عن عبارات أخرى تعتبر إهانة جامعة لكل الشعب السعودي، خاصة عندما وصفهم بالجهل والتخلف مستدلاً بأن 52% من السعوديين لا يستطيعون قيادة السيارة، في إشارة إلى منع المرأة من قيادة السيارات في المملكة”.
ووفقًا لوثيقة يعود تاريخها إلى 21 من نيسان/أبريل 2008، فإن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عقد اجتماعًا يوم 16 من أبريل من العام ذاته مع قائد العمليات البحرية الأمريكية، ودار بين الرجلين مباحثات في قضايا مختلفة، وقال ابن زايد للمسؤول الأمريكي: “العالم تغير، والإمارات ستظل متفائلة على الرغم من وجودها في منطقة يغلب عليها التخلّف، وضرب مثلاً على التخلف بجارته السعودية التي لا يستطيع 52% من سكانها قيادة السيارة”.
عبدالله بن زايد يحرض ضد نظام الحكم في السعودية
وتكشف وثيقة أخرى يعود تاريخها إلى 25 من حزيران/ يونيو 2008 أن وزير الخارجية عبد الله بن زايد كان يحاول تحريض الأمريكيين أيضًا ضد نظام الحكم في السعودية، وأن موقفه من الملك عبد الله بن عبد العزيز بالغ السلبية.
حيث قال لمسؤول أمريكي أنه لا يرى في الأمراء السعوديين الأصغر سنًا أي وجوه واعدة، مردفًا: “النظام السعودي لا يسمح إلا للفاسدين وأولئك المتحالفين مع شيوخ الدين بالوصول إلى القمة”.
أضاف ابن زايد: “القيادة السعودية لا تملك رؤية طويلة المدى وهو ما سمح للمتطرفين أن يصبحوا أقوياءً ولذلك فإن المنطقة كلها تعاني الآن”، ليضيف بن زايد خلال الاجتماع ذاته: “القيادة السعودية هرمة”.
وبحسب وثيقة تعود إلى 12 من حزيران/ يونيو 2004 فإن محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات، قال للجنرال جون أبي زيد قائد القوات الأمريكية في العراق خلال اجتماع على العشاء في أبو ظبي: “نحن – أنا ومحمد بن زايد – عندما ننظر إلى أكثر من 100 كيلومتر أمامنا فإن القيادة السعودية لا تنظر لأكثر من كيلومترين فقط”.
وأضاف ابن راشد: “القيادة السعودية لا تملك رؤية طويلة المدى وهو ما سمح للمتطرفين أن يصبحوا أقوياءً، ولذلك فإن المنطقة كلها تعاني الآن”، ليضيف ابن زايد خلال الاجتماع ذاته: “القيادة السعودية هرمة”.
أوردت الوثيقة أن ولي عهد أبو ظبي قال لمسؤول أمريكي: “90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد انتهائهم من العراق ليغيروا لهم آل سعود”.
وفي وقت سابق نشر “وكيليكس” وثيقة يسخر فيها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من ولي العهد السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز ويشبهه فيها بالقرد، وأوردت الوثيقة أن ولي عهد أبو ظبي قال لمسؤول أمريكي: “90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد انتهائهم من العراق ليغيروا لهم آل سعود”.
مؤتمر غروزني
في أغسطس 2016، عُقد مؤتمر في العاصمة الشيشانية مدعوم من قبل محمد بن زايد، لإعادة تعريف “أهل السنة والجماعة”، حيث تضمنت توصيات المؤتمر الذي حمل عنوان “من هم أهل السنة والجماعة” وحضره شيخ الأزهر وعدد من رجال الدين والدعاة المدعومين من قبل دولة الإمارات، أن “أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً” وفقا لبيان المؤتمر، الذي استثنى في حضوره وختامه أي وجود للسلفية والوهابية، مما أثار حنق السعودية وغضبها.
المشاركون حينها ومن غروزني التابعة لروسيا جسمًا ورسمًا، اعتبروا أن المؤتمر يمثل نقطة تحول مهمة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم أهل السنة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه” وفقًا لتعبيرهم.
توتّرت حينها العلاقة بين البلدين بشكل كبير، وعبّرت السعودية عن غضبها، وهاجم كتّابها وشيوخها المؤتمر وداعميه، وردت السعودية على المؤتمر بمؤتمر آخر سُمّي بـ”مؤتمر منى”، والذي عقد في مدينة مكة المكرمة، محذرًا من أي تكتل “يفرق المسلمين”.
كما حدد المشاركون المؤسسات الدينية السنية العريقة في العالم الإسلامي بأنها الأزهر الشريف والقرويون والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية”، والتي جلّها يدعمها النظام الإماراتي.
هذا الغضب السعودي، جعل مؤسسة الأزهر تتبرأ رسميًا ببعض مما جاء به المؤتمر، موضحة أنها لم تستثن ولن تستثني التيار السلفي أو الوهابية، كما أدى ذلك إلى اعتذار رئيس الشيشان رمضان قديروف للسعودية عن المؤتمر
وحذّر مؤتمر “الإسلام رسالة سلام واعتدال” من اختراق صفوف المسلمين، بما ينافي سِلم رسالتهم واعتدالها.