تحذيرات من “كارثة” على اللاجئين السوريين في الأردن.. تداعيات خطيرة جراء قرار تقليص مساعدات أممية
يتلقى اللاجئ السوري المقيم في المملكة الأردنية محمد الحريري 126 دولاراً، مساعدات مالية شهرية من برنامج الغذاء العالمي، له ولأسرته المكونة من 5 أفراد، ولا تكاد هذه المساعدة توفر له أساسيات الحياة، في حين أنه مع تقليص المساعدات الذي أعلن عنه البرنامج الأممي، فإن حاله وحال نحو نصف من اللاجئين السوريين في الأردن سيكون أمام وضع وصفه بـ”الكارثة”.
يقدم البرنامج الأممي 32 دولاراً أمريكياً (23 ديناراً أردنياً)، شهرياً لكل فرد من الأسر المعوزة، لكنه أعلن عن تخفيض المبلغ اعتباراً من شهر أغسطس/آب 2023، ليصبح 21 دولاراً أمريكياً (15 ديناراً أردنياً) للفرد شهرياً، فقط.
لا يعمل الحريري (49 عاماً) بشكل منتظم وفق ما صرح به لـ”عربي بوست”، موضحاً أن سبب ذلك يعود لظروف صحية يعاني منها، وأنه يعتمد بصعوبة على ما يقدمه برنامج الغذاء العالمي من مساعدة نقدية في تأمين الطعام لعائلته، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأردن.
الحريري واحد من بين 465 ألف لاجئ مستفيد من برنامج الغذاء العالمي، منذ ما يقارب 10 سنوات، وسيجد نفسه في “مهب الريح” دون تلك المساعدات، وفق تعبيره.
وسبق أن قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الخميس 13 يوليو/تموز 2023، إن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة سيقطع مساعداته الحيوية عن اللاجئين السوريين في الأردن، اعتباراً من أول أغسطس/آب 2023، مؤكداً أن بلاده لن تتحمل العبء وحدها.
أسباب التخفيض
يعاني برنامج الغذاء العالمي -بحسب موقعه الإلكتروني– من “أزمة تمويل غير مسبوقة”، ويواجه البرنامج نقصاً حادّاً في التمويل قدره 41 مليون دولار أمريكي حتى نهاية عام 2023.
هذا النقص في التمويل دفع البرنامج للإعلان عن عزمه تخفيض المساعدات لـ 465 ألف لاجئ مستفيد في المملكة.
وقال المدير القطري والممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي في الأردن، ألبرتو كوريا مينديز، في بيان صحفي: “نشعر بقلق بالغ إزاء تراجع حالة الأمن الغذائي لدى الأسر اللاجئة، ولكن مع نقص التمويل فإن أيدينا مقيدة. من المرجح أن تؤدي هذه التخفيضات إلى زيادة استراتيجيات التأقلم السلبية لدى المستفيدين”.
تداعيات سلبية
في حين حذر خبراء ومختصون في حديث لـ”عربي بوست”، من تداعيات سلبية مستقبلية على اللاجئين السوريين في الأردن جراء هذا التقليص، من أبرزها “تفاقم عمالة الأطفال وانقطاع الأطفال عن الدراسة، وتراكم المزيد من الديون”.
وترى الباحثة السورية المختصة في شؤون اللاجئين، ميسون الصمادي، في حديثها لـ”عربي بوست”، أن “هذا التقليص المرتقب سيؤدي إلى عواقب وخيمة على اللاجئين الذين تلقوا الخبر كالصاعقة”.
وأضافت: “هناك توتر وخوف كبيران في صفوف اللاجئين السوريين في الأردن، وهناك من يعيش على هذه المساعدات فقط، فلا مورد آخر لهم، ستكون كارثة”.
وتابع: “يقدم برنامج الغذاء كوبونات تشمل المواد الأساسية مثل الأرز، والسكر، والزيوت، إلى جانب ذلك يقدم البرنامج مساعدات للأشد عوزاً، من خلال بصمة العين. في حال تقلصت هذه المساعدات نحن أمام كارثة إنسانية، في حين أننا نرى معاملة مختلفة للاجئين من أوكرانيا”.
زيادة الفقر بين اللاجئين السوريين في الأردن
تشير دراسة أجرتها المفوضية السامية في 2023 إلى أن 90% من أسر اللاجئين السوريين في الأردن ما زالت مثقلة بالديون، إذ أفاد 77% من اللاجئين السوريين بتدني الوضع المالي.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن 66% من اللاجئين يعيشون على أقل من 5.5 دولار أمريكي للفرد في اليوم، ما يجعل الوضع الحالي في غاية الصعوبة.
اقتصادياً، يشير الخبير الاقتصادي والاجتماعي، حسام عايش، إلى أن هذا التقليص سيؤدي إلى ما يسمى “التكيف السلبي”، مضيفاً لـ”عربي بوست”: “ستكون الحياة أكثر كلفة من حيث الغذاء والمأوى، وتهديد أمنهم الغذائي في وقت يظهر العالم كرمه مع اللاجئين في أوكرانيا”.
أوضح عايش أن “تقليص هذه المساعدات سيؤدي إلى تكيف سلبي من اللاجئين كتقليل الحصول على المواد الغذائية، ما يسبب أمراضاً ناجمة عن سوء التغذية، وستستشري ظاهرة عمالة الأطفال، والعمل في مهن خطرة، والزواج المبكر لتقليص عدد أفراد الأسرة، إضافة إلى ذلك تراكم الديون على اللاجئين”.
تحذيرات أممية
كما حذرت منظمات أممية وحقوقية من تداعيات وقف المساعدات المالية للاجئين السوريين.
وقال ممثل المفوضية في الأردن دومينيك بارتش، في بيان صحفي أرسل لـ”عربي بوست” نسخة منه، إن “النقص في المساعدات يعمل على تفاقم الضعف لدى اللاجئين، حيث إن البيانات الأخيرة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر أن عائلات اللاجئين الذين لم يستطيعوا دفع إيجارات بيوتهم، والذين سيكونون معرضين لخطر الإخلاء من بيوتهم، قد زادت بنسبة 66% خلال الفترة الممتدة من ديسمبر/كانون الأول 2022 حتى فبراير/شباط 2023″.
الموقف الرسمي للأردن
عبّر الأردن عن رفضه تقليص المساعدات للاجئين السوريين، وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، في تغريدة له على “تويتر”: “لا يمكن للأردن أن يتحمل هذا العبء وحده”.
وأضاف: “في حال طبقت هذه القرارات لن يكون الأردن قادراً على سد الفجوة التمويلية للاجئين السوريين الذين سيعانون من ذلك، كما أن مسؤولية تغطية هذه الفجوة ليست على عاتق الأردن، بل على الجهات التي قررت قطع دعمها”.
في حين تواصل “عربي بوست” مع جهات رسمية أردنية للتعليق ولم يلق ردا حتى الآن.
وفقاً للإحصاءات الرسمية الأردنية، فإن عدد السوريين في الأردن يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، في وقت يبلغ فيه عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية الذين يحملون صفة لاجئ 660,022 شخصاً.
في حين أن 29.8% ممن يحملون صفة لاجئ يتواجدون في العاصمة عَمان، تليها مدينة المفرق بنسبة 25%، ثم مدينة إربد بمجموع 169,049 لاجئاً. بينما يتفرق العدد الباقي في محافظات المملكة.
وتظهر إحصائيات المفوضية أن غالبية اللاجئين السوريين في الأردن يقطنون خارج مخيمات اللجوء التي يقطنها 135,547 فقط، بينما يعيش 524,475 خارج أسوار المخيمات.