“تليغراف”: أردوغان يساعد الصين على إعادة الإيغور المسلمين إليها عبر دولة ثالثة
قالت صحيفة “تليغراف” البريطانية في تقرير إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يساعد الصين على استعادة مواطنيها المسلمين المنشقين، في إشارة للإيغور، بإرسالهم إلى دولة ثالثة.
وأفادت الصحيفة البريطانية في مقدمة تحقيق موسع: “كانت إيموزي كوانهان، 59 عاما، أما مسلمة إيغورية لطفلين، تتحدث إلى ابنها عندما انقطع الاتصال الهاتفي فجأة، وكانت تلك هي آخر مرة سمع فيها صوت كوانهان، التي تمكنت من الفرار من الصين ووصلت إلى ما كانت تعتقد أنه ملاذ آمن في تركيا، التي يحكمها، رجب طيب أردوغان”.
وتابعت الصحيفة قائلة إن “كوانهان فرت من كاشغار في شينجيانغ بالصين إلى تركيا للنجاة بحياتها من حملة قمع خانقة تشنها السلطات الصينية ضد الإيغور الصينيين، ولكن يبدو أن الصين قامت بتعقبها وبعد مرور عام، لا يمكن تأكيد ما إذا كانت على قيد الحياة”.
وأضافت أن عائلة الأرملة كوانهان تعتقد أن السلطات التركية قامت بتسليمها إلى مصير مجهول في الصين عبر طاجيكستان، كما يعتقدون أنها مثل مئات آخرين، ضحية مؤامرة كبيرة تجافي حقوق الإنسان، وتجسد التضحيات بالبشر مقابل الحفاظ على استثمارات بكين في تركيا.
وبحسب “تليغراف” فإنه لا عجب إذن أن يكون هناك عدد متزايد من الإيغور في تركيا الذين يخشون من نفوذ الصين.
وكشفت الصحيفة البريطانية أن الأرملة كوانهان، التي كان يعتقد أنها تعاني من الخرف، كانت قد قامت بإجراء مكالمة هاتفية من مركز احتجاز في إزمير بعد أسبوعين من اختفائها، وعلى الرغم من أن السلطات التركية تنفي احتجاز كوانهان في مركز ترحيل أزمير، إلا أن سجلات المكالمات الهاتفية تثبت أنها أجرت مكالمات هاتفية متعددة من هاتف أرضي داخل المركز إلى عائلتها.
ويقول إسماعيل جنكيز، ناشط بارز معروف باسم رئيس الوزراء الإيغوري الرمزي: “إن هناك تهديدات منهجية.. إنهم (السلطات الصينية) يريدوننا أن نعتقد أنه يمكنهم الوصول إلينا في أي مكان”.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا كانت تفاخر بأنها مقصد آمن للإيغور، ويقدر عدد اللاجئين الإيغور في تركيا بنحو 50000 شخص، حيث ازدادت أعدادهم تحت حكم أردوغان، الذي يصف نفسه في السنوات الأخيرة بأنه حامي المسلمين في جميع أنحاء العالم، وفقا للصحيفة.
وأوضحت “تليغراف” أنه وفي حي زيتينبورنو في اسطنبول بتركيا، ازدهرت ثقافة الإيغور، حيث تم نشر الشعر الإيغوري هناك، كما تقوم المحلات التجارية في جميع أنحاء المنطقة ببيع الملابس الإيغورية المتقنة، فضلا عن انتشار المطاعم التي تقدم أطباق المعكرونة الحارة التي تذكر الكثير من اللاجئين الإيغور بوطنهم الأم.
وبينت الصحيفة أيضا، أن تركيا وفرت للاجئين الإيغور منصة يخبرون من خلالها العالم بشأن ما يصفونه بالإبادة الجماعية التي ترتكب ضد مسلمي الصين، والتي يعيش فيها ما يصل إلى 1.5 مليون من الإيغور داخل معسكرات الاعتقال في جميع أنحاء الصين.
ويقول المحامون إن بكين تتلاعب باتفاقيات تسليم المجرمين لسحب الإيغور إلى معسكرات ما يسمى بـ”إعادة التعليم”، ويجادل الناشطون بأن اعتماد أنقرة الاقتصادي المتزايد على بكين يضر بقدرتها على تحمل الضغوط الصينية وحماية الإيغور النازحين إليها من شينجيانغ.
وبينما ترفض تركيا إعادة الإيغور مباشرة إلى الصين، يقول نشطاء إنه يقومون بإرسالهم عبر دولة ثالثة، مثل طاجيكستان، حيث يسهل على السلطات الصينية تأمين تسليمهم إليها.
ويوضح تحقيق الـ”تليغراف” أن “تواطؤ” الأتراك يرجع إلى أسباب اقتصادية، وحرص حكومة أردوغان على ضمان استمرار الاستثمار الصيني في تركيا.
وذكر التقرير أن الأزمات الاقتصادية المتكررة والشقاق الأوروبي – التركي، بسبب سياسات أردوغان، أجبرت تركيا على الاستثمار في صداقات أخرى، وخاصة الصين، مشيرة إلى أنه وكجزء من استراتيجية بكين للحزام والطريق، استثمرت الشركات الصينية المليارات في تطوير البنية التحتية التركية، وتهدف بكين إلى مضاعفة الاستثمارات إلى أكثر من 6 مليارات دولار بحلول نهاية العام المقبل.
وجاء هذا التحسن في العلاقات التركية – الصينية واعتماد أنقرة المتزايد على استثمارات بكين على حساب اللاجئين الإيغور، حسبما ذكرت الصحيفة البريطانية.
هذا، وعلى الرغم من أن أنقرة تدعم علنا الإيغور في محنتهم، إلا أن أنقرة تعوقها الاتفاقيات الثنائية مع وزارة العدل الصينية، والتي تلزم السلطات التركية بالتحقيق في الشكاوى، التي تثيرها الصين ضد اللاجئين الإيغور.
إلى ذلك، كشفت صحيفة “صنداي تلغراف” البريطانية عن وثائق للمخابرات الصينية التي قدمتها وزارة الأمن العام الصينية كجزء من طلبات التسليم والتي تذكر فيها أن الأشخاص المطلوبين مشتبه بأنهم إرهابيون، وفي حين أن عدة مئات من الإيغور سافروا بالفعل إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات الجهادية الإيغورية، إلا أن طلبات التسليم ترتكز بشكل أساسي على أن مجرد الانتماء إلى هوية الإيغور.
وأفادت “صنداي تلغراف” بان عشرات اللاجئين الإيغور قضوا أشهرا في مراكز الاعتقال والترحيل في أنحاء تركيا بدون تهمة نتيجة طلبات التسليم القضائية الصينية.
وعلى الرغم من أن تركيا لديها سياسة عدم ترحيل الإيغور إلى الصين، حيث من المحتمل أن يواجهوا الاحتجاز أو القتل، فقد كشفت صحيفة “صنداي تلغراف” النقاب عن أدلة على أن الصين نجحت في ترحيل الإيغور إلى دول ثالثة، والتي يعتقد أنهم يتم تسليمهم بواسطتها إلى الصين.