تونس… عريضة جديدة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي

مرة أخرى يوضع موقع راشد الغنوشي كرئيس للبرلمان التونسي على المحك، بعد أن أعلن مجموعة من النواب عن إعدادهم لعريضة سحب ثقة جديدة منه على خلفية ما أسموه تراكم التجاوزات وسوء إدارة المؤسسة التشريعية وتعميق الخلافات بين النواب.

هذه العريضة تبنتها في البداية كتلة الحزب الدستوري الحر بقيادة رئيستها عبير موسي، والتي سرعان ما حشدت تأييد عدد من النواب خاصة من أعضاء الكتلة الديمقراطية والمستقلين.

ويسمح الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان التونسي بسحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه، على أن يتم تجميع ما لا يقل عن 73 إمضاء وتودع العريضة فيما بعد في مكتب الضبط ضمن مطلب كتابي معلل، ويعرض الطلب بعد ذلك على الجلسة العامة ويصادق عليه في حال حصد 109 أصوات.

تخليص البرلمان من “العبثية”

وقال النائب عن كتلة الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة، إن “الكتلة جددت تقديمها لهذه العريضة بالنظر إلى حجم التجاوزات والخروقات التي يرتكبها رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، خاصة في علاقة بطريقة إدارة مجلس نواب الشعب التي تتسم بالاعتباطية والعشوائية”.

ووصف بوذينة إدارة المجلس في عهدة راشد الغنوشي بأنها “أسوأ بكثير من تسيير قن دجاج”،  معتبرا أن الغنوشي “يتعامل مع المجلس كأنه مزرعته الخاصة منحازا إلى أبنائه المدللين سواء من حركة النهضة أو ائتلاف الكرامة أو قلب تونس”.

وبيّن أن “هذا الانحياز برز خاصة في إدانة العنف اللفظي والمادي المسلط على النواب وفقا للولاءات”، مستدلا على ذلك بإصدار الغنوشي بيان تنديد للعنف المسلط ضد كتلة ائتلاف الكرامة مباشرة بعد تصويت الأخيرة على التحوير الوزاري الأخير لحكومة هشام المشيشي.

وأكد بوذينة أن العديد من النواب أعربوا عن انخراطهم في مسار سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، مشيرا إلى أن بعض الكتل ستمضي على هذه اللائحة بجميع نوابها.

وقال بوذينة إن الهدف حاليا هو تجميع 109 أصوات حتى لا تكون إزاحة الغنوشي مجرد مطلبية كتابية، مضيفا أن تغيير رئاسة المجلس هو خطوة أولى لتخليص هذه المؤسسة من العبثية والفوضى.

تجنب سيناريو 20 يوليو

من جانبه، قال القيادي في حزب التيار الديمقراطي والنائب عن الكتلة الديمقراطية نبيل حجي في تصريح صحفي، إن الكتلة لم تمنح صوتها لراشد الغنوشي حتى يكون رئيسا لهذا البرلمان، وهو ما يعني أنها ستكون منخرطة في مسار سحب الثقة منه دون الوقوع في سيناريو جلسة 20 يوليو/تموز 2020.

وأوضح حجي أن عريضة سحب الثقة السابقة التي تقدمت بها الكتلة الديمقراطية حصدت إمضاء 73 نائبا وحين عرضت على الجلسة العامة لم يتجاوز عدد المصوتين لصالحها 97 نائبا، قائلا: “لا يجب أن نعيد نفس التجربة وننتظر نتائج مخالفة”.

وبيّن النائب أن سحب الثقة من الغنوشي هو رهين تغير خارطة التحالفات داخل البرلمان، خاصة في علاقة بكتلتيْ قلب تونس والنهضة اللتان تستخدمان مسألة بقاء الغنوشي من عدمه كورقة ضغط بينهما.

وتابع: “في ظل هذا المشهد، ارتأينا أن لا يتم إيداع هذه العريضة في مكتب الضبط حاليا رغم بلوغها النصاب المطلوب حتى يتم تجميع ما يزيد عن 100 إمضاء وذلك لتوفير حظوظ أكبر للتصويت عليها في الجلسة العامة”، قائلا إن عريضة بـ 73 صوتا فقط ستفتح المجال أمام استغلالها من بقية الكتل وخاصة من النهضة وحلفائها.

اللائحة على الطريق الصحيح

إلى ذلك، قال النائب المستقل والقيادي في الجبهة الشعبية منجي الرحوي ، إنه سيتم إيجاد كل الظروف التي ستفضي إلى إنجاح هذه العريضة بعيدا عن منطق التجاذبات والربح السياسي، مؤكدا أن هذه اللائحة في طريقها الصحيح.

وأضاف: “بالنسبة لنا مصلحة هذا البرلمان ومصلحة تونس تكمن في الإطاحة برمز منظومة الفساد والإفساد راشد الغنوشي، وسنعمل على تحقيق هذا الهدف بكل نزاهة ووضوح ودون مواربة”.

وأشار الرحوي إلى أن “أخطاء الرئيس الحالي للبرلمان راشد الغنوشي أصبحت بالجملة ومسؤوليته في تعكير الأوضاع داخل المؤسسة التشريعية وحتى البلاد أصبحت مكشوفة”، معتبرا أن تغيير رئاسة المجلس سيحدث تغييرا جذريا ملحوظا.

وشدد الرحوي على أنه لا معنى لتجميع 73 إمضاء، مؤكدا أنه سيتم إيداع هذه العريضة حينما تتوفر فيها كل شروط النجاح حتى لا يكون مصيرها كسابقتها.

الدعوة إلى الانسحاب

بدوره، أكد النائب المستقل حاتم المليكي المنفصل مؤخرا عن الكتلة الوطنية أن البرلمان أصبح عاجزا عن القيام بدوره الذي انتخبه الشعب لأجله بسبب طريقة الإدارة والحوكمة التي يعتمدها رئيسه راشد الغنوشي.

وقال المليكي: “نطالب راشد الغنوشي بالانسحاب من كرسي رئاسة البرلمان الذي تعطل وتوقف وأصبح سببا رئيسيا للمشاحنات السياسية وحتى توتير العلاقات مع المحيط الخارجي وبين الرئاسات الثلاثة”.

وأكد المليكي أن عريضة سحب الثقة من الغنوشي فاقت الـ 73 إمضاء المطلوبة لتمريرها على الجلسة العامة، قائلا “لكن تجميع الـ 109 صوتا الضرورية للتصويت عليها رهين العلاقات بين الكتل وخاصة التحالفات مع الحكومة التي يدعمها سياسيا ثلاثي النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، يضاف إليها الكتلة الوطنية وتحيا تونس والإصلاح”.

وأضاف: “من المفترض أن يتعامل النواب مع هذه المسألة بأكثر عقلانية لأنها مرتبطة بإنقاذ مؤسسة برلمانية، وهذا الإنقاذ لا يمكن أن يتم خارج دائرة انسحاب راشد الغنوشي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى