جنرال مصري، واستخبارات أوروبية.. وساطة رفيعة تقود مفاوضات “تبادل أسرى” بين حماس وإسرائيل
بدأت المياه الراكدة منذ سنوات في ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة بالتحرك، عندما كشفت صحيفة ألمانية عن وجود وساطة دولية رفيعة المستوى برعاية مصرية، بدأت بالفعل بالتوسط بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، من أجل إبرام صفقة تبادل بين الجانبين.
هذا التحرك الدولي جاء بعد “مبادرة إنسانية” أطلقتها حركة حماس في 2 أبريل/نيسان الماضي في ظل أزمة كورونا، من أجل فتح ملف الأسرى، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لالتقاطها فوراً، موجهاً إدارته إلى إجراء “حوار فوري” عبر وسطاء حول الإسرائيليين المفقودين في غزة.
مشاركة دولية رفيعة المستوى: الجديد في هذا الملف هو ما أعلنته مجلة “دي تسايت” الألمانية، الثلاثاء 5 مايو/أيار 2020، من أن اثنين من مسؤولي المخابرات الألمانية، ودبلوماسياً سويسرياً، بالإضافة لضابط مصري، يشاركون في محادثات بين حماس وإسرائيل.
هذه المعلومات الجديدة تؤكد ما ذكره في وقت سابق من الشهر الماضي، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، عن أن جهات دولية تواصلت معه بشأن الصفقة.
كما كشفت الصحيفة أن المحادثات بدأت بالفعل، وعلى مستوى رفيع من الوسطاء الدوليين، حيث شاركوا بشكل محموم بالاتصال مع غزة وتل أبيب والقاهرة في الأشهر الأخيرة.
لم تكشف الصحيفة الألمانية هوية المفاوضين الأوروبيين، لكنها ذكرت أنه إلى جانب “الدبلوماسي السويسري، هناك ضابطان استخباريان رفيعا المستوى في المخابرات الألمانية، وضابط مصري برتبة جنرال، كانوا جميعهم شركاء سابقين في المفاوضات التي أدت إلى صفقة جلعاد شاليط التي جرت عام 2011 بين إسرائيل وحماس”.
حماس تنفي حدوث أي تقدم: في ظل هذه الأنباء، بدأ الإعلام الرسمي يتحدث بشكل مكثف عن المفاوضات التي تجري بين الطرفين، معلناً أن تقدماً نوعياً تم تحقيقه بين الطرفين.
إلا أن حركة حماس، التي تبدو أكثر حذراً في هذا الملف، نفت الإثنين 5 مايو/أيار حدوث أي تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى عبر الوسطاء مع إسرائيل، مؤكدة أن “هذه المعلومات مصدرها الاحتلال الإسرائيلي”.
كما حذرت الحركة من أن الجانب الإسرائيلي “يمارس حالة من الضخ الإعلامي بتعليمات من المستوى السياسي، تهدف للتملص من استحقاقات المبادرة التي طرحتها حماس، ولتضليل عائلات الأسرى الصهاينة، من أجل الضغط على معنويات الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم”.
أما الموقف الرسمي الإسرائيلي فيبدو منقسماً حول المضي قدماً في هذا الملف، فقد نقلت الصحيفة الألمانية عن دافيد ميدان، المسؤول الإسرائيلي الذي قاد مفاوضات التبادل عام 2011، قوله؛ “هذا أفضل توقيت خلال السنوات الخمس الماضية للتوصل إلى صفقة”.
لكن صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية نقلت عن وزير المواصلات الإسرائيلي من حزب “يمينا” اليميني المتشدد، بتسالئيل سموتريتش، معارضته لأي صفقة تبادل مع حركة حماس.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعطى، الشهر الماضي، موافقته على إجراء مفاوضات، من خلال وسطاء لإتمام صفقة التبادل.
مؤشرات على المضي قدماً في المفاوضات: إلى جانب المعلومات التي أوردتها الصحيفة الألمانية، كان إسماعيل هنية قد كشف، الشهر الماضي، عن أن حماس قامت بعرض وجهة نظرها لأطراف ووسطاء، لم يسمهم، قاموا بالتواصل مع الحركة، واستوضحوا حول الآفاق التي يمكن التحرك بشأنها.
كما أوضح هنية أن حركته قامت “بعرض ما يمكن أن يشكل مفتاحاً حقيقياً لهذه المسألة” ، مؤكداً “تمسك حماس بما لديها حتى يستجيب الاحتلال لمطالبنا، ويدفع الثمن المطلوب للتوصل لصفقة تبادل”.
وشدد هنية على أن حركته طالبت “بالإفراج عن كبار السن والمرضى والأطفال والنساء وأسرى صفقة شاليط حتى نخوض في عملية تفاوضية جديدة”.
في السياق ذاته، كشف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طلبت قوائم بأسماء المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، منتصف شهر أبريل/نيسان.
وأضاف قدري أبوبكر، في مؤتمر صحفي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة نظمته وزارة الإعلام، أن هناك “حالياً في السجون الإسرائيلية 5000 أسير فلسطيني موزعين على 23 سجناً منها 22 داخل الخط الأخضر (إسرائيل) وسجن عوفر داخل أراضي 67 (الضفة الغربية)”.
كما أوضح أبوبكر أنه لم يتم التشاور مع الهيئة فيما يجري الحديث حوله من صفقة لتبادل المعتقلين بين حركة حماس وإسرائيل.
مبادرة السنوار التي فتحت الملف: وفي 2 أبريل/نيسان الماضي، أطلق رئيس “حماس” في غزة يحيى السنوار، مبادرة “إنسانية” في ظل أزمة كورونا، أعلن فيها استعداد حركته لتقديم “تنازل جزئي” في موضوع الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها.
كما أعربت الحركة استعدادها لخوض “مفاوضات غير مباشرة” مع إسرائيل، من أجل إبرام صفقة تبادل جديدة، تشمل الإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين.
وبعد 4 أيام من مبادرة السنوار، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إجراء “حوار فوري عبر وسطاء حول الإسرائيليين المفقودين في غزة”.
يذكر أن إسرائيل تتهم “حماس” باحتجاز أربعة إسرائيليين منذ عام 2014 إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
لكن حركة حماس ترفض الكشف عن مصيرهم، مشترطة إفراج إسرائيل عن أسرى أعادت اعتقالهم عقب الإفراج عنهم عام 2011، مقابل تقديم معلومة كهذه.
وكانت آخر صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس جرت عام 2011، حينما تم تبادل جندي إسرائيلي بأكثر من ألف أسير فلسطيني، العشرات منهم من أصحاب الأحكام المؤبدة.