آخر الأخبارتحليلات و آراء

جولة بلينكن.. أي حل.. دون استيعاب درس 7 أكتوبر؟  3/2

سليم الزريعي

 مطالب محددة

إن طبيعة الجولة وأهدافها وتعقيدات الحل نظرا للبون الشاسع بين مقاربات الطرفين له، التي تصل حد التناقض، جعلت الوزير الأمريكي يحمل معه في هذه الجولة، مطالب أكثر تحديداً من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وتتمثل المطالب الموجهة لإسرائيل بالشروع في التفاوض مع حركة “حماس” على صفقة لتبادل الأسرى ضمن صفقة الإطار المقترحة من جانب الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر، وإنهاء الاجتياح البري لقطاع غزة، والسماح بدخول كميات كافية من مواد الإغاثة الإنسانية، لجميع مناطق القطاع، والاستعداد لعملية سياسية إقليمية تقوم على حل الدولتين، فلسطين إلى جانب إسرائيل.

ولأن حماس ليست مطروحة كشخص قانوني شرعي، فإنها لن تكون بحال الجهة الفلسطينية المعنية بالترتيبات السياسية لما بعد الانسحاب من غزة وإجراء عملية التبادل، وإنما هي السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التي سبق أن نفذت حماس انقلابا دمويا في 14 حزيران/يونيو 2007 ضد وجود السلطة ومؤسساتها في غزة ، التي تعتبر أن ولايتها على القطاع مستمرة وأن القوة القاهرة التي منعتها من الوجود لن تتمكن من ذلك مستقبلا لأسباب موضوعية تتعلق بالصفقة وبمصلحة وحدة المشروع الفلسطيني سياسيا وديمغرافيا وجغرافيا، ولأن هناك الكثير من الملاحظات على السلطة الفلسطينية، يحمل الوزير الأمريكي مطالب يجب على  القيادة الفلسطينية أن تنفذها، وهي تتمثل في القيام بإصلاحات جدية، وتشكيل حكومة جديدة أكثر مهنية وتمثيلاً، وقادرة على إدارة قطاع غزة بعد الحرب، والاستعداد لعملية سياسية جديدة تتضمن طريقاً نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

هذا التوجه الأمريكي هو تحول سياسي بصرف النظر عن طبيعة هذا الحل سواء كان حلا تصفويا للصراع أم حلا يحقق مصالح الشعب الفلسطيني، أي أن هناك توجه جدي لحراك نحو  حل سياسي عبر منظمة التحرير، لكن ليس في شكلها الراهن الذي هو محل نقد فلسطيني مرير من جميع أطياف الشعب الفلسطيني، الذين يطالبون بضرورة إعادة بناء المنظمة عبر إصلاح جوهري في بنيتها بما يسمح لها أن تعبر موضوعيا عن كل الشعب الفلسطيني.

وقد اعتبرت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى أن “صفقة الرهائن نقطة بداية حاسمة، وثمة سبيل ينبغي التوصل إليه في نهاية المطاف ليفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية”. من شأن إقامتها أن يحقق السلام والاستقرار والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين من خلال مسار تفاوضي لإقامة الدولة الفلسطينية، وهذا شيء نحن ملتزمون به”.

وقالت تريد  واشنطن أن تكون أولويات الإدارة الأميركية على المدى الفوري، بما يلي: أولاً، نحن نركز بشكل كامل على تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، وذلك من خلال العمل مع كافة شركائنا لزيادة المساعدات التي تصل إلى سكان القطاع، والحثّ على اتخاذ كافة التدابير الممكنة لحماية المدنيين”.

وأضافت: “ثانياً، نحن ندفع بقوة باتجاه الإفراج الآمن والفوري عن كافة الرهائن. وثالثاً، نريد أن نضمن عدم تكرار ما حصل يوم 7 أكتوبر والصراع الذي أعقب ذلك – سواء بالنسبة إلى الإسرائيليين أو الفلسطينيين”.

وتابعت ليف: “رابعاً، نحن نسعى إلى ضمان عدم اتساع رقعة الصراع، وقد ركزنا على ذلك من خلال كل ذرّة من دبلوماسيتنا منذ أوائل أيام الصراع. ولا شك في أن هذا الهدف معقد بفعل الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها الجهات الفاعلة المدعومة من إيران في مختلف أنحاء المنطقة”. نعمل بالتزامن مع ذلك مع الشركاء بغرض إطلاق العمل الشاق الرامي إلى إنشاء مسار يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية. هذه الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام مستدام يصب في صالح الإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة ككل. الولايات المتحدة ملتزمة تجاه هذه المنطقة أكثر من أي وقت مضى، كما أنها ملتزمة بإيجاد سبيل أفضل يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للمنطقة”.

 

الصفقة .. تباين المواقف

هذا الحراك الأمريكي المقرون برغبة نحو ترتيب وضع جيوسياسي في الفضاء العربي والجوار الإقليمي ضمن استراتيجية الولايات المتحدة في ظل حراك دولي نحو عالم  متعدد الأقطاب بدأ يتبلور بقوة، فإن نقطة البدء في صياغة  هذه الرؤية الأمريكية هي حل الاشتباك بين المقاومة والكيان عبر صفقة التبادل التي جري اقتراحها في باريس من قبل الولايات المتحدة ومصر وقطر وفرنسا.

وهذه الصفقة  المعول على أن تكون مدخلا لتغيير جوهري في المنطقة، وإيجاد أفق لحل الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني من أجل انتزاع حقوقه في التحرير والعودة  تتضمن المرحلة الأولى، الإفراج عن قرابة 30 من الأسرى الإسرائيليين المدنيين وخاصة المسنين والنساء، فيما تتضمن المرحلة الثانية الإفراج عن الجنود الأسرى، سواء كانوا مجندين أو مجندات أو ضباط.

أما المرحلة الثالثة، فسوف تتضمن تسليم جثامين القتلى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.

لكن المشكلة هي في التباين الحاد بين مواقف الكيان من جانب وحماس وفصائل غزة من جانب آخر، في ظل غياب رؤية فلسطينية مشتركة بين السلطة التي هي فتح وحماس، في وقت  تعطلت فيه لغة الكلام بين الطرفين، فيما كل منهما يعمل لحساب أجندته الحزبية ، بينما أهل غزة يدفعون الثمن.

 

الكيان الصهيوني

يبدو الجانب الصهيوني في حالة فوضى وتناقضات تهدد مستقبل حكومة نتنياهو بسبب المواقف المتباينة من الصفقة حتى داخل الحكومة، التناقضات بين أطراف الكيان الصهيوني تجعل من غير الممكن الاطمئنان لسلوك الكيان الذي تكشف تصريحات مسؤوليه عن نسف للصفقة واستمرار ذهنية المحتل الفاشي الذي ينكر حتى وجود الشعب الفلسطيني ومؤسساته، وربما يشجعه على دلك ما زعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، من أن الاحتلال  قام بتسوية 17 من أصل 24 كتيبة.لحماس وأن أغلب الكتائب المتبقية موجودة في جنوب قطاع غزة وفي رفح وسيتولى أمرها أيضا”.كما قال.

وبخصوص صفقة تبادل الأسرى، أكد، أنه لن يوافق على أي صفقة “تتعلق بالإفراج عن إرهابيين”، على حد وصفه.

واستطرد نتنياهو: “كما أكدت أيضا في مجلس الوزراء: لن نوافق على أي صفقة. وفيما يتعلق بالإفراج عن الإرهابيين، ببساطة لن نوافق عليها”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى