جولة جديدة للجنة الدستورية السورية دون تقدم… ما السيناريوهات المقبلة؟
أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، ختام جولة محادثات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، ووصفها بأنها كانت “مخيبة للآمال”.
طرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية فشل مسار اللجنة الدستورية في جنيف، وإمكانية العودة إلى مسارات أخرى، في ظل فشل الوفود المشاركة في التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن كتابة الدستور.
تحركات أممية
وصرح بيدرسون بأنه يعتزم التوجه إلى دمشق قريبا لإجراء محادثات بعد فشل اللجنة الدستورية في بدء صياغة الدستور في جلستها الأخيرة التي استمرت أسبوعا.
وأضاف:
أبلغت أعضاء هيئة صياغة الدستور البالغ عددهم 45 أنه لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال، وأن الأسبوع كان مخيبا للآمال.. لا يمكننا مواصلة الاجتماعات ما لم نغير ذلك.
فشل المسار
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي، العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، قال إن من المتوقع أن يستمر الشد والجذب فيما يتعلق بأعمال اللجنة الدستورية في المستقبل القريب دون الإعلان الرسمي عن فشل المسار بشكل عام، ولكن بالمقابل تجميد المسار قد لا يكون مستبعدا أيضا.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “الارتباك في استقرار الوفد المعارض من ناحية تركيبة العضوية والآراء لا ينفصل عن التجاذبات الإقليمية للدول المتحكمة بالمعارضة، كما أنه لا ينفصل عن محاولات استقراء ما ستأتي به إدارة بايدن من جديد حول الشأن السوري، وحول المنطقة بشكل عام”.
وتابع: “في الأساس كانت سلة الدستور واحدة من العناوين التي كان من الممكن أن يتم إحراز تقدم فيها، على اعتبار أن هذا المسار هو قانوني- تقني يتعلق بالعقد الاجتماعي السوري، بما كان يُفترض به أن يتجاوز تعقيدات الجيوبوليتيك المتعلق بالوضع السوري”.
وأردف قائلا: “إلا أن ما حصل على أرض الواقع هو أن الوفد المعارض (على الأقل بقطاع رئيسي من أعضائه) استورد التعقيدات الجيوبوليتيكية إلى إمكانية التقدم على المسار القانوني – التقني، فمقاربتهم لهذا المسار، وكما تدل تصريحاتهم، ما تزال تعول على توازن القوى الدولية والإقليمية والضغوط الخارجية كعامل محرك”.
واستطرد: “هذا بدوره يشير لديهم إلى معطيين، الأول هو التهرب من جوهر العملية الدستورية نحو التسييس بالمعنى الجيوبوليتيكي، والثاني هو رفض فلسفة التوافق التي يجب أن تبنى عليها الحلول السياسية كما جاء في نص القرار 2254، فالتعويل على الضغوط الخارجية (ضد الوفد الوطني السوري) يعني عمليا استمرار الوفد المعارض في مقاربة القسر اعتماداً على الخارج، ورفض مقاربة التوافق في المقابل”.
وأكد دنورة أن هذه الرؤية لدى وفد المعارضة هي التي تعطل السير إلى الأمام، أو على الأقل فهي تعطل البحث الجدي لديهم حول التوافق مع الوفد الوطني حول الجانب القانوني – التقني، وقبل الخروج من هذا “البارادايم”، فلن يتمكن الوفد المعارض من الخروج من القالب السياسي والإعلامي الذي يتحدث عن تعنت الوفد الوطني، بدلا من أن ينظر إلى موقف الوفد الوطني كموقف مقابل يجب التوصل معه إلى أرضية مشتركة بناء على المصلحة الوطنية الجامعة.
ومضى قائلا:
يضاف إلى ذلك كله ما بات يعرفه الجميع، وهو عجز الهيئات والمنصات المعارضة عن امتلاك ناصية القرار المستقل نتيجة تأثير الدول الممولة والمشغلة، والتي تعمل على توظيف هذه المنصات والهيئات لخدمة مصالح بلدانها وأنظمتها، دون أي التفات لمصلحة الشعب السوري.
من جانبه قال المحلل السياسي السوري غسان يوسف، إن اللجنة الدستورية لا يمكنها أن تحقق شيئا، باعتبار أن المطلوب منها كان ضد طرد استقلال سوريا وتفكيكها، وإدخال جماعة الإخوان المسلمين في العمل السياسي، والدولة رفضت ذلك عبر الوفد السوري الحكومي.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن مسار اللجنة الدستورية سيصل في النهاية إلى “حائط مسدود”، ومسار أستانا قد يحاول أن يجد حلا، أو يكون هناك عودة إلى عمل سياسي آخر يكون فيه الاعتراف أولا بالحقائق على الأرض، ومنها أن الدولة السورية باتت الأقوى، ويجب أن تحرر أراضيها قبل أن تبحث عن كتابة دستور أو حل سياسي.
وتابع: “كيف يمكن التصالح مع من يطالب بشرعنة الإرهاب والاحتلال ويرفض طرد الغرباء، هناك ما نختلف معه كثيرا، خاصة مع تركيا التي أصبحت بالنسبة للدولة السورية دولة محتلة، استقدمت المجموعات الإرهابية إلى الأراضي السورية وتقوم بحمايتها ودعمها وتمكينها”.
وأردف قائلا: “من الصعب الاتفاق على كتابة الدستور ولا يزال الاحتلال موجودا على الأراضي السورية، فيجب أولا أن تكون اللجنة التي ستصيغ الدستور متفقا عليها من الجميع، لأن الطرف الكردي مغيب عن هذه المفاوضات”.
واستطرد: “من الأفضل للدولة السورية أن يكون هناك اتفاق برعاية روسية مع ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، وضمهم إلى المفاوضات السياسية، والاتفاق على إجراء الانتخابات، ومن ثم المجلس النيابي الذي سينتج عن هذه الانتخابات هو من يقوم بكتابة الدستور وتشكيل اللجنة الدستورية”.
وأكمل:
أما كتابة الدستور خارج البلاد لا يمكن أن تنجح، وربما سننتظر تحركات بدريسون وزياراته التي سيقوم بها في الأيام القادمة، ومن الممكن أن تظل اللجنة الدستورية معطلة لمدة 6 أشهر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
اللجنة المكونة من 45 عضوا تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني وتسعى لصياغة دستور جديد يقود إلى انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. عقدت اللجنة الأسبوع الماضي في جنيف دورتها الخامسة منذ أكتوبر 2019.
وكانت الجولة الرابعة التي عقدت ما بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ 4 كانون الأول من العام الماضي، قد انتهت أيضا دون تحقيق أي تقدم.