حادثة “فلويد” تكشف عنصرية التوظيف بالشركات الأمريكية

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بالمساواة داخل الولايات المتحدة، وإعطاء أصحاب البشرة السمراء حقوقهم كاملة على كل المستويات، نجد أن ما يحدث داخل الشركات الأمريكية مغايرا لذلك تماما.

نظرة سريعة على نسب التوظيف داخل الشركات الأمريكية الكبرى تكشف عن نوع من الإنكار للسود، وهو ما يوحي بوجود درجة من العنصرية عند التوظيف في هذه الشركات.

ولا تتخطى نسبة الموظفين السود في شركة فيسبوك 3,8%، ونجدها أقل من ذلك في جوجل حيث تبلغ النسبة 3.7% من إجمالي العاملين.

وهي نسب ضئيلة جدا إذا علمنا أن شركة فيسبوك تضم 44,2% من البيض و43% من الآسيويين من إجمالي العاملين بها.

هذه الأرقام المسجلة لم تعد مقبولة في الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد الأمريكي الأسود تحت ركبة شرطي أبيض نهاية مايو/أيار.

وعلى ما يبدو أن هناك بعض الاستجابات من قبل شركات بسبب الضغط المستمر من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يطالبون بالتنوع في الوظائف داخل الشركات الأمريكية.

وهو ما يؤكده المستشار في شؤون التنوع كيفن نيكولز الذي قال إن هاتفه “لا يتوقف عن الرنين” أخيرا بفعل ازدهار أنشطته منذ بدأت الشركات الأمريكية محاولاتها للتعويض دفعة واحدة عن سنوات من التلكؤ في مواجهة مشكلات التمييز.

واقعيا، الشركات الأمريكية لا تصدق في وعودها، وخير دليل، ما حدث في عام 2014 عندما تعهدت شركات عملاقة في مجال التكنولوجيا بتوظيف أشخاص يعكسون بصورة أفضل تنوع الشعب الأمريكي المؤلف بنسبة 13% من السود و18% من الأشخاص المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية.

وقالت “فيسبوك” حينها “نطور منتجات توفر تواصلا بين العالم لذا نحن في حاجة إلى فريق يفهم مختلف المجتمعات والأصول والثقافات ويعكسها”.

لكن في خلال 5 سنوات، لم ترتفع نسبة الموظفين السود في الشبكة سوى من 2% إلى 3,8%، وتلك العائدة للمتحدرين من أصول أمريكية لاتينية (في الولايات المتحدة) من 4% إلى 5,2%.

وتبلغ نسبة السود الموظفين في “جوجل” 3,7% (في مقابل 1,9 % سنة 2014)، مع حصة أدنى في وظائف الهندسة وخصوصا في مواقع المسؤولية.

لكن شركة مثل “أديداس” في طريقها للخروج عن هذا النهج، ووعدت بتخصيص حصة للسود والأشخاص المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية تبلغ 30% من إجمالي الموظفين الجدد.

ويقول كيفن نيكولز مؤسس شركة “ذي سوشل إنجينيرينغ بروجكت” الناشطة من أجل التنوع في قطاع التكنولوجيا، “أتواصل حاليا مع المسؤولين الكبار أنفسهم الذين كانوا يتمنعون عن لقائي قبل عام حين لم يكونوا يأخذون مشكلات موظفيهم على محمل الجد”.

وتتمثل المشكلة في شركات التكنولوجيا التي عادة ما تبحث عن موظفيها في الجامعات الكبرى أو تستند إلى توصيات موظفيها وهم بأكثريتهم من البيض وأصحاب الأصول الآسيوية، فمثلا رئيس “جوجل” سوندار بيشاي مولود في الهند وتلقى علومه في جامعة ستانفورد في سيليكون فالي.

  الكلام يؤكده، رئيس شركة “بايلوتي” الناشئة في مجال التكنولوجيا جيمس نورمان قائلا: “عندما يوظفون، هم يفكرون تلقائيا بالأشخاص الذين يشبهونهم ويتشاركون معهم النظرة عينها إلى العالم ويشعرونهم بالراحة بالمجمل”.

 كذلك تسهم في ترسيخ هذه الحلقة المفرغة بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة لفرز السير الذاتية. وتستند هذه التطبيقات إلى بيانات قائمة تستنتج منها على سبيل المثال أن المهندس هو رجل أبيض في سن ثلاثين عاما.

المشكلة الكبرى أن “بحوثا كثيرة أظهرت أن الخوارزميات تستثني الأشخاص الذين توحي أسماؤهم بأنهم من أصل إفريقي”.

وهناك معادلة سائدة على نطاق واسع، ومفادها أن البيض يتم توظيفهم على أساس قدراتهم، فيما يُختار السود بناء على خبرتهم.

وتوضح أستاذة علم الاجتماع في جامعة تورنتو شارلا أليغريا أن تعليقات “قد تبدو بسيطة تكون مشحونة بالتاريخ”. كما أن الأمريكيين السود الذين يتلقون مثل هذه التعليقات “يشعرون بثقل قرون من القمع العنصري”.

كذلك، فإن الدافع الأساس لدى الموظفين السود لترك وظائفهم هو انسداد أفق التقدم أمامهم إذ إن منطق التمييز السائد خلال عملية التوظيف يسري أيضا على الترقيات الداخلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى