خبراء يوضحون آثار خفض صندوق النقد لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي
“أمر مبالغ فيه”.. هكذا وصف خبراء الاقتصاد العالميون حالة التشاؤم التي أصابت العديد من المستثمرين عقب إعلان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي إلى أدنى مستوى له منذ الركود الكبير في 2008-2009، حيث جاءت توقعات النمو بأقل من 2% للفرد في العام الجاري.
وقال بن ماي، الخبير الاقتصادي العالمي بجامعة «أكسفورد إيكونوميكس» إن التباطؤ الحالي يشبه إلى حد كبير تراجع بسيط ضمن توسع أكبر.
• توقعات متشائمة وتأثير محدود
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن 5 فقط من الاقتصاديات الـ45 التي أجرت شركة «أوكسفورد إيكونوميكس» تحليلات عليها عانت من انخفاض حاد في النشاط الاقتصادي على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من العام الجاري.
وتمثل الدول الثلاث الأكبر “المملكة المتحدة وألمانيا وتايوان” مجتمعة 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقال ماي: “هذا لا يشير إلى أننا في وضع ينتشر فيه الضغط الاقتصادي فعلى مدى العقد الماضي كان من الطبيعي أن تتقلص بعض الاقتصادات في أي فترة معينة”.
• هيكل الاقتصاد العالمي يتغير والركود “أقل توترا”
وأوضح روبن بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي بواشنطن، أنه عندما يصل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلدان ذات النمو السلبي إلى 50% أو أكثر من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي فإن هذا الأمر قد يشير إلى ركود عالمي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تغيير هيكل الاقتصاد العالمي يعني أن فترات الركود قد تكون أقل تواتراً في المستقبل.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتوسع فيه الاقتصادات الناشئة بوتيرة أسرع ومنذ عام 1980 زادت مساهمتها في إجمالي النمو العالمي من أكثر من الثلث إلى 60% تقريبًا.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن تواجه الصين والهند أضعف توقعاتهما للنمو لسنوات عديدة لكن بالنظر إلى أنهما لا يزالان يتوسعان بسرعة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة وأنهما يشكلان الآن مجتمعين 27% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، تظل مساهمتهما في النمو العالمي كبيرة.
وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في “دويتشه بنك” في نيويورك: “لن يحدث الركود العالمي الذي يتم التنبؤ به حيث إن معدلات النمو في الأسواق الناشئة أعلى من الناحية الهيكلية مقارنة بالسنوات الماضية”.
ونظرًا لأن عدم اليقين بشأن محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين يؤثر على الاستثمار وثقة الأعمال فقد ازدادت الفجوة بين القطاعات الصناعية القائمة على الطلب الخارجي وتلك التي تتمتع بقوة الطلب المحلي على خدماتها.
ونتيجة لذلك، تظل العديد من الاقتصاديات قوية بشكل عام حيث ظلت ثقة المستهلكين قوية في وقت انخفضت فيه معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها خلال عدة سنوات.
وقال بيير لافوركاد، كبير الاقتصاديين العالميين في بنك “يو بي إس” السويسري إنه على الرغم من أن التوقعات كانت “سيئة للغاية” إلا أنها لم تكن أسوأ مقارنة بالفترات السابقة من الركود العالمي.
ولكن بالنظر إلى التباطؤ السريع في توقعات النمو لصندوق النقد الدولي، فإن احتمال حدوث ركود عالمي قد يرتفع قريبًا إذا استمر التراجع في حجم التجارة والتصنيع.
وكان صندوق النقد، قد أعلن في أحدث تقرير له عن التوقعات الاقتصادية العالمية أن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 3% العام الجاري منخفضًا من 3.2% في يوليو/تموز الماضي مع تراجع تقديراته للنمو في عام 2020 إلى 3.4% مقارنة بنسبة 3.5%.
وعلى الرغم من أن لافوركاد، لا يتوقع ركودًا عالميًا فقد حذر من أنه بالنظر إلى مصدر الضعف المتمثل في الحرب التجارية التي تتصاعد من حين وآخر بين واشنطن وبكين فإن التوقعات ستصبح أكثر قتامة مستقبلا.