“رجالنا مقابل رجالكم”.. حماس ترفض طلب إسرائيل ربط إعمار غزة بالأسرى، ولكن ماذا عن موقف مصر؟
وأكد وزير خارجية إسرائيل غابي أشكنازي أن محادثاته في القاهرة التي عقدت أمس الأول الأحد ركزت بالأساس على إعادة الجنود والمواطن الإسرائيليين الموجودين في قبضة حماس.
وجاءت زيارة أشكنازي إلى القاهرة في إطار المساعي التي يجريها الجانب المصري لتثبيت وقف إطلاق النار غير المشروط بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، الذي بدأ سريانه في 21 مايو/أيار المنصرم؛ أي بعد 11 يوماً من العدوان الإسرائيلي على غزة.
وتحتفظ “حماس” بأربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 والآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
ولا تفصح الحركة عن مصير المحتجزين الأربعة، أو وضعهم الصحي.
الأسرى الإسرائيليون مقابل السماح بعملية إعمار غزة
وقال أشكنازي خلال لقائه مع مع وزير الخارجية المصري سامح شكري إن إسرائيل تشترط إعادة إعمار غزة باستعادة جثتي جنديين إسرائيليين قُتلا أثناء العدوان على غزة عام 2014 ومواطنين إسرائيليين دخلا القطاع طواعية (مسألة موت الجنديين ليست مؤكدة).
وأمس الأول الأحد، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “المطالبة الإسرائيلية باستعادة الجنود والمدنيين المحتجزين في قطاع غزة في أقرب وقت”، كما نشر عبر حسابه على تويتر.
أما حركة “حماس”، فترفض الربط بين عملية إعمار غزة وتبادل الأسرى، وتصر على إجراء صفقة وفق شروطها المتمثلة بتحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.
وقال القيادي البارز في حركة حماس خليل الحية: “أشقاؤنا في مصر يفهمون هذا.. لن نقبل بربط ملف الأسرى بإعادة إعمار غزة، أو الحصار، أو الحقوق الفلسطينية”، حسبما ورد في تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
فيما يبدو، كرد على تصريحات القادة الإسرائيليين، قال يحيى السنوار، زعيم الحركة في غزة، للصحفيين، أمس الإثنين: “سجلوا على مقاومتكم، رقم 1111 ستذكرون هذا الرقم”، دون توضيحات إضافية، لكنه بدا وكأنه رقم الأسرى الفلسطينيين الذين تسعى الحركة لتحريرهم مقابل إطلاق سراح الإسرائيليين الأربعة.
في السياق ذاته، قال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبومرزوق، الإثنين، في تغريدة على تويتر: “من غير المقبول أن يربط نتنياهو ملف إعادة إعمار غزة بملف جنوده المفقودين”.
وأضاف: “هذا أمر نرفضه تماماً وهو مخالف للقوانين الدولية، فجنوده تم أسرهم في ساحة حرب يقابلهم أسرانا عند الاحتلال، هذه هي المعادلة”.
والإثنين، وصل مدير المخابرات المصرية عباس كامل إلى القطاع، في زيارة تستغرق عدة ساعات بحث خلالها ثلاثة ملفات رئيسية مع قيادة “حماس”: تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ملف إعادة الإعمار، قضية تبادل الأسرى، وفق مصدر تحدث للأناضول.
موقف مصر
وحسب قناة “كان” الإسرائيلية، فإن مصر تسعى إلى زيادة ضلوعها في إعادة إعمار قطاع غزة، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، وترى أن عملية إعادة الإعمار ينبغي أن تجري بمعزل عن صفقة تبادل أسرى.
كما نقلت قناة “العربية” عن مصادر قولها “إن مصر لا تريد ربط صفقة الأسرى بملف إعادة إعمار غزة، وتصر على ربط الملف بالسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، كما تتحفظ مصر على إنشاء هيئة مستقلة لإعادة إعمار غزة”.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أعلن أن مصر سوف تقدم لإعمار غزة نحو 500 مليون دولار، على أن تقوم الشركات المصرية بتنفيذ هذه المشروعات، كما يتوقع أن يكون للشركات المصرية نصيب من مشروعات الإعمار التي تمولها دول أخرى.
وخلال زيارته لغزة، وضع اللواء عباس كامل، مدير المخابرات المصرية، بمشاركة رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار مساء اليوم الإثنين، حجر الأساس لمشروع مدينة السيسي السكنية، بحضور قيادة فصائل فلسطينية ووزراء من حكومة رام الله.
ويقع مشروع المدينة السكنية على مساحة 100 ألف متر على بحر النصيرات، وعدد الوحدات السكنية 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال السنوار إن “هذه المدينة السكنية المصرية نموذج مقترح وعينة تخضع للدراسة من جهات الاختصاص”، كاشفاً عن خطط لمدن وأحياء سكنية “لأبناء شعبنا وللأجيال الشابة بفعل صمود شعبنا وبفعل الدور المصري”.
وتستطيع القاهرة إن أرادت أن تتجاهل الاعتراضات الإسرائيلية وتشرع في عملية إعمار غزة، عبر المعابر التي تربطها بالقطاع المحاصر.
مشكلة إسرائيلية داخلية
يقول نعمان عمرو، المحاضر بجامعة القدس المفتوحة (تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية)، إن إسرائيل “لديها مشكلة سياسية عميقة وتحاول أن تهرب منها إلى الأمام”.
ويرى عمرو في تصريح لوكالة الأناضول، أن كل المواقف التي تعلن من قبل إسرائيل بشأن إعمار غزة “هي للاستهلاك الداخلي الانتخابي والمزاد السياسي”، معتبراً أن “ما يجري في الغرف المغلقة قد يكون بعيداً كل البعد عما تتداوله وسائل الإعلام”.
وأضاف: “مع التقدم في تشكيل حكومة قد تطيح بنتنياهو، فإن الانشغال الإعلامي في قضية الحرب وآثارها وما ترتب عليها، هو لكسب أصوات من اليمين لإعاقة تشكيل لابيد وبينيت للحكومة”.
وأوضح أن الطرف الفلسطيني “عامل رئيسي في هذه الأحداث، مما يجعل إسرائيل تحاول فرض شروط لن تلقى آذاناً مصغية لدى الفلسطينيين والأطراف التي تتوسط لوقف إطلاق النار”.
من جهته، يشير محمد أبوعلان، الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إلى أن ربط إعمار غزة والتهدئة بصفقة تبادل للأسرى وإطلاق الجنود المأسورين في غزة يطغى على وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ويرى أن هذا الربط بين الأسرى وإعمار غزة يهدف إلى “ابتزاز حماس في الثمن”، كما أن فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أي إنجاز عسكري خلال العدوان الأخير على غزة، دفعه لجعل عودة الأسرى والمفقودين شرطاً لوقف إطلاق النار.
ويضيف: “هذا الربط يعطي انطباعاً أن قضية الأسرى الإسرائيليين على جدول الأعمال وليست منسية”.
أما السبب الثاني، فيقول أبوعلان: “التغطية على أية تنازلات ستقدم خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، خاصة إذ جرى السماح بعملية إعمار غزة ودخول الأموال للقطاع، على اعتبار أنه (نتنياهو) لم يوافق عليها بالمجان”.
ويشير المحلل الفلسطيني إلى وجود ضغوط من أهالي الجنود الإسرائيليين المأسورين بضرورة الربط بين إعمار غزة وعودتهم.
الأسرى مقابل الأسرى.. هل نرى صفقة قريبة؟
نقلت قناة “العربية” عن مصادر قولها إن التوقعات تشير إلى حسم ملف صفقة الأسرى بين إسرائيل وحماس خلال أسابيع، وسط ضغوط مصرية على إسرائيل للقبول بأسماء الأسرى المقترح إطلاقهم، على أن تنفذ صفقة الأسرى بين حماس وإسرائيل على عدة مراحل.
وعرض رئيس المخابرات المصرية مشروع صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، وبحسب مصادر العربية، ربطت إسرائيل تخفيف الحصار عن غزة بإنجاز صفقة تبادل الأسرى.
كما دعت تل أبيب مصر للإسراع في تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حماس.
كما قالت مصادر العربية، إن وفداً إسرائيلياً سيصل إلى القاهرة خلال أيام لبحث المطالب الفلسطينية، إضافة لاجتماع للفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية الأسبوع المقبل.
من جانبه أبدى يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، استعداد حركته لمفاوضات غير مباشرة وعاجلة لإنجاز ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل.
وقال السنوار، للصحفيين خلال وضع حجر الأساس للمدينة السكنية المصرية: “إن شاء الله يكون أمامنا فرصة لتحريك ملف تبادل الأسرى اليوم، هناك فرصة حقيقية لحدوث تقدم”، معتبراً أن هذا الملف حدث به حراك في السابق ولكن تعطل بسبب الأوضاع الداخلية في إسرائيل.
وأضاف السنوار قائلاً: “جاهزون لمفاوضات غير مباشرة وعاجلة لإنجاز هذا الملف”.
من هم الأسرى الإسرائيليون الأربعة؟
*الجندي شاؤول آرون:
جندى من مواليد 1993، وعمل في لواء النخبة على الحدود مع قطاع غزة. وشارك في الحرب على غزة عام 2014.
وأسر مقاتلو كتائب القسام، آرون في عملية ضد الجيش الإسرائيلي شرقي حي التفاح شرق غزة، في 20 يوليو/تموز 2014، وأسفرت هذه العملية عن مقتل 14 جندياً إسرائيلياً.
ولم تعلن إسرائيل عن أسر الجندي، إلا عقب إعلان “كتائب القسام” عن ذلك، في شريط بثه الناطق باسمها “أبوعبيدة”، حيث نشر رقمه العسكري.
وتقول إسرائيل، إن أورون قُتل، لكن عائلته ترفض قبول هذه الرواية، حسبما ورد في تقرير لموقع “رأي اليوم”.
ومنذ أسره، وحتى الآن، لم تقدم حركة حماس أي معلومات خاصة به.
*الضابط هدار غولدن:
مواليد 1991، ويحمل رتبة ملازم ثان، بلواء جفعاتي في الجيش الإسرائيلي، وهو نجل ابن خال موشي يعلون، وزير الجيش الإسرائيلي السابق، وأسرت حركة حماس غولدن، في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، في 1 أغسطس/آب 2014، أثناء عملية الجرف الصامت.
وعلى النقيض من تعاملها مع أسر شاؤول أورون، لم تعلن حركة حماس اختطاف غولدين فورا؛ لكنها عادت واعترفت بمسؤوليتها عن ذلك عقب انتهاء الحرب.
وارتكبت إسرائيل مجزرة في رفح، رداً على عملية الاختطاف، حيث نفذت قصفاً عشوائياً على منازل المواطنين، أسفر عن استشهاد أكثر من مئة فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
*أفيرا منغستو:
ولد أفيرا منغستو بإثيوبيا في 1986، وهاجرت عائلته إلى إسرائيل، وهو بعمر 5 سنوات.
وبحسب منظمة “مسلك” الإسرائيلية، الخاصة بالدفاع عن حرية الحركة، فقد اجتاز منغستو السياج الفاصل بين إسرائيل وشمالي قطاع غزة، في 7 سبتمبر/أيلول 2014.
ومنذ ذلك الحين اختفت آثاره.
وتقول عائلته إنه مضطرب نفسياً، حيث تم تسريحه في مارس/آذار 2013 من الخدمة العسكرية لهذا السبب، واتهمت الحكومة الإسرائيلية، مرات عديدة، بتعمد إهمال ابنها، وعدم المطالبة بإعادته، لأسباب عنصرية، كونه أسود البشرة، ومن أصول إثيوبية.
وقالت كتائب القسام، في تصريح صحفي، في يوليو/تموز 2019 إن إسرائيل لم تطالب بإعادة “منغستو”، من خلال الوسطاء الذين تحدثوا معها بشأن المحتجزين.
*هشام السيد
هشام السيد (فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية)، كان يقطن قرية الحورة بالنقب، وكان يبلغ من العمر، حين احتجازه 29 عاماً، حسبما تذكر مصادر عربية، في الداخل الفلسطيني.
وبحسب منظمة “مسلك” الإسرائيلية، فقد دخل السيد إلى قطاع غزة في 20 أبريل/نيسان 2015، عبر ثغرة في السياج الفاصل بين إسرائيل وشمالي القطاع، دون أن يُعرف شيء عن مصيره منذ ذلك الحين.
وتذكر المصادر في الداخل الفلسطيني أن السيد أنهى دراسته الثانوية، وتطوع للخدمة بالجيش الإسرائيلي في أغسطس/آب 2008، ولكن تم تسريحه في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 لأنه “غير مناسب للخدمة”.