سامح شكري في أول حديث لقناة الجزيرة: لدينا إرادة سياسية لطيّ صفحة الماضي

في أول ظهور له على قناة “الجزيرة” القطرية، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الإثنين 14 يونيو/حزيران 2021، إن زيارته للدوحة التي يجريها للمرة الأولى، تعدّ تعبيراً عن وجود إرادة سياسية مشتركة لدى مصر وقطر لطيّ صفحة الماضي، واستكشاف آفاق التعاون بينهما.

كان شكري قد توجّه، مساء الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، في زيارة رسمية، لتعزيز التعاون، والمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب؛ للتباحث بشأن الوضع العربي الراهن.

هذه الزيارة هي الأولى للدوحة منذ صيف 2013، عندما توترت العلاقات بين البلدين على خلفية رفض الدوحة خطوة الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي.

إلا أن العلاقات المصرية القطرية شهدت خلال الفترة الأخيرة خطوات إيجابية في طريق عودتها.

بيان العُلا

فيما أضاف شكري، في مقابلة خاصة مع برنامج “لقاء اليوم” المُذاع على شاشة “الجزيرة”، أن مصر وقطر تسيران بخطى وصفها بالثابتة، في إطار لجنة المتابعة لتنفيذ بيان “قمة العلا” بالسعودية.

يشار إلى أنه في 5 يناير/كانون الثاني 2021، صدر “بيان العلا” عن القمة الخليجية الـ41 بمدينة العُلا السعودية، معلناً نهاية أزمة حادة اندلعت في يونيو/حزيران 2017 بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

كانت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين قطعت علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً وبحرياً، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، معتبرةً إياه “محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل”.

كما تطرق وزير الخارجية المصري إلى علاقاتهم الحالية مع تركيا، مؤكداً أن القاهرة استجابت لتصريحات أنقرة التي أبدت رغبة في تطوير العلاقات بينهما، منوهاً إلى أنه جرى عقد “جلسة مشاورات استكشافية” عبّرت خلالها عن رغبتها في العودة لعلاقات طبيعية تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وملمحاً إلى قرب عقد “جلسة مشاورات استكشافية” خلال الفترة المقبلة.

شكري قال إن بلاده تنتظر من تركيا تغيراً في التعاطي مع ملفات المنطقة، وقال إن وجود قوات أجنبية -وضمنها قوات تركية- في ليبيا أمر لا يمكن قبوله مصرياً أو دولياً، وأضاف: “لدينا تحفظات على سياسات تركيا إقليمياً، إلا أننا نتطلع لعلاقات معها على أساس الاحترام المتبادل”.

كذلك، ذكر أنهم يدعمون “خيارات الشعب الليبي”، ويسعون إلى إقامة قنوات حوار تيسّر الوصول إلى تفاهمات ليبية- ليبية تضمن الاستقرار وتحافظ على السيادة في هذا البلد، واصفاً علاقات القاهرة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بالإيجابية والاستراتيجية، خاصةً أنها مستمرة منذ عقود، وحققت مصالح كبيرة للدولتين.

جميع الخيارات مطروحة في أزمة سد النهضة

أما على صعيد أزمة سد النهضة الإثيوبي، فقد أوضح المسؤول المصري أن بلاده تسعى لحل دبلوماسي لهذه الأزمة، مشدّداً على أن كافة الخيارات مطروحة للتعامل مع أزمة السد.

لكن شكري استدرك قائلاّ إن مصر تعمل مع الشركاء الدوليين (لم يحددهم) لعدم زيادة التوتر، لافتاً إلى أن القاهرة والخرطوم لديهما القدرات للدفاع عن مصالحهما.

ظهور إعلامي مثير للجدل

ظهور شكري على قناة الجزيرة أثار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خاصةً أنه صاحب الواقعة الشهيرة الخاصة بإلقاء ميكروفون “الجزيرة” أرضاً خلال مؤتمر صحفي في العاصمة السودانية الخرطوم عام 2015.

إلا أنه منذ 27 أبريل/نيسان الماضي، شارك مسؤولون مصريون حاليون وسابقون في مداخلات هاتفية مع قناة “الجزيرة” القطرية، في إشارة إلى بدء “تطبيع إعلامي” يلاحق ركب نظيره السياسي.

يأتي ذلك بعدما حظرت السلطات المصرية قناة “الجزيرة”، عقب الانقلاب الذي وقع في صيف عام 2013، واتهمتها آنذاك بـ”التحريض على الكراهية وتشكيل خطر على الأمن القومي”، أعقب ذلك حملة هجوم واسعة شنتها وسائل إعلام مصرية ضد قطر وقناتها الأكثر شهرة وشعبية “الجزيرة”.

اعتقال صحفيي “الجزيرة”

في حين تساءل مغردون آخرون عن مصير الصحفيين المصريين المعتقلين على خلفية تعاونهم مع قناة الجزيرة.

كانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض، في ديسمبر/كانون الأول 2013، على صحفيين يعملون بقناة “الجزيرة”، في قضية عُرفت إعلامياً بـ”خلية الماريوت”، بتهمة “نشر أخبار كاذبة عن مصر، وبث مواد تضر بالبلاد”.

حينها قضى 3 صحفيين، بينهم الأسترالي بيتر غريست، نحو عامين في السجن قبل إطلاق سراح ثلاثتهم في عام 2015، فيما استمر الصحفي محمود حسين قيد الحبس 4 سنوات حتى أطلق سراحه في فبراير/شباط الماضي.

بينما لا تزال السلطات المصرية تعتقل حتى الآن عدداً من الصحفيين بسبب عملهم أو تعاونهم مع قناة الجزيرة.

من بين هؤلاء الصحفيين، هشام عبدالعزيز، الذي يعمل بقناة الجزيرة مباشر، حيث كان قد اعتقل عام 2019 لدى عودته لقضاء إجازة سنوية اعتيادية في مصر.

ارتياح مصري- قطري

كان وزير الخارجية المصري، ونظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قد أعربا عن الارتياح لـ”التطورات الإيجابية” للعلاقات بين البلدين.

حيث أفاد بيان للخارجية المصرية بأن “الوزيرين أعربا خلال اللقاء عن الارتياح لما شهدته العلاقات المصرية القطرية من تطورات إيجابية في أعقاب التوقيع على بيان العلا”.

البيان المصري لفت إلى أن “الوزيرين اتفقا على أهمية المضي قُدماً في اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة (لم يحددها) للبناء على ما تحقق، من خلال إعادة تفعيل أطر التعاون والاستمرار في عقد آليات المتابعة الساعية لتسوية جميع القضايا العالقة بين البلدين خلال الفترة المُقبلة”.

كما تناول اللقاء “التحديات التي تواجه الدول العربية والمحيط الإقليمي، وضرورة تكثيف التنسيق والتشاور”.

في وقت سابق من يوم الإثنين، أفادت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، بأن المباحثات بين الوزيرين تطرقت إلى “آخر تطورات الأوضاع في المنطقة، خاصةً مستجدات القضية الفلسطينية، والوضع الراهن في ليبيا”.

إذ شدّد الجانبان على “أهمية تنسيق الجهود الإقليمية للتوصل إلى حلول تضمن أمن واستقرار المنطقة، وتشجع على التعاون المشترك”.

بدوره، أشار الوزير القطري إلى “التطورات الإيجابية” في علاقات بلاده مع مصر، مشيداً بجهود القاهرة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

فيما أعرب الوزير المصري عن شكر بلاده لـ”دولة قطر على استجابتها لعقد الحوار التشاوري الطارئ بشأن سد النهضة في الدوحة”، حسب المصدر ذاته.

“تسريع استئناف العلاقات”

كان السيسي استقبل وزير خارجية قطر، يوم الثلاثاء 25 مايو/أيار الماضي، حيث سلمه الأخير رسالة من أمير قطر تضمنت دعوة لزيارة الدوحة، وفق بيان للرئاسة المصرية آنذاك.

فيما تضمنت الرسالة “الإعراب عن التطلع لتعزيز التباحث بين البلدين حول سبل تطوير العلاقات الثنائية، وكذا مناقشة مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، وتنسيق المواقف بشأنها، بما يخدم تطلعات الدولتين”.

بينما لم يوضح البيان المصري موقف السيسي من الدعوة، لكن في حال تمت زيارة السيسي للدوحة، ستكون الأولى له إلى قطر منذ انتخابه رئيساً في 2014.

يُذكر أن وفداً قطرياً زار القاهرة خلال منتصف مارس/آذار الماضي، بهدف “تسريع استئناف العلاقات”، بحسب صحيفة الأهرام المصرية المملوكة للدولة.

سبق ذلك قيام وفدين رسميين من قطر ومصر بإجراء مباحثات في 23 فبراير/شباط 2021، بدولة الكويت حول آليات تنفيذ “بيان العلا” الخاص بالمصالحة، وسط إشادة مصرية قطرية بالعلاقات المتكررة منذ إتمام المصالحة.

اتصالات لأول مرة

أما في 15 مارس/آذار الماضي، فقد بحث وزير الداخلية القطري خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني، مع نظيره المصري محمود توفيق، سبل تطوير التعاون الأمني بين البلدين.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه آل ثاني مع توفيق، هو الأول من نوعه، منذ إعلان المصالحة الخليجية.

حينها أفادت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، بأنه جرى خلال الاتصال “استعراض العلاقات بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها، خاصة في المجال الأمني”، و”موضوعات ذات اهتمام مشترك”، دون مزيد من التفاصيل حول تلك الموضوعات.

كما أعلنت الرئاسة المصرية أن السيسي تلقى، يوم الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، اتصالاً هاتفياً من الشيخ تميم، للتهنئة بحلول شهر رمضان المُبارك، وتكرر الأمر ذاته يوم 14 مايو/أيار الماضي خلال تبادل التهاني بين الزعيمين بمناسبة عيد الفطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى