شاهد ومشهود.. هل يقصد بهما يومي الجمعة وعرفة؟
مع اقتران يوم عرفة بيوم الجمعة هذا العام كثر البحث عن أي دلائل دينية تتحدث عنهما سويا، فهل هما المقصودان بالآية القرآنية “شاهد ومشهود”؟
وانطلقت أكبر مناسك للحج في السعودية منذ تفشي جائحة كورونا الأربعاء، حيث أدى مئات الآلاف من المصلين “طواف القدوم” حول الكعبة المشرفة في مدينة مكة المكرمة، وبدأ حجاج بيت الله الحرام التوافد على مشعر منى منذ صباح الخميس.
وسمحت السلطات لمليون مسلم تلقوا لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بينهم 850 ألفا أتوا من الخارج، بأداء فريضة الحج هذا العام بعد عامين من تقليص الأعداد بشكل كبير بسبب الوباء.
الجمعة وعرفة.. شاهد ومشهود
فسر موقع الدرر السنية قولِ الله تعالى في محكم كتابه: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}، ضمن سورة البروج، الآيتان [2- 3]، بأن “اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشاهدُ يومُ الجُمُعةِ”، استنادا لحديث الطبراني.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “اليومُ الموعودُ يَومُ القِيامةِ”، أي: المذكورُ في قولِه تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 2- 3]، هو يومُ القِيامةِ لأنَّ اللهَ وعَد به النَّاسَ، واليومُ المشهودُ هو يومُ عَرفةَ لأنَّ النَّاسَ يَشهَدونه، أي يَحضُرونه ويَجتمِعون فيه، والشَّاهدُ يومُ الجُمُعةِ، أي: يَشهَد لِمَن حضَر صَلاتَه.
وأوضح “الدرر السنية”، عبر موقعه الإلكتروني، أن راوي هذا التفسير هو أبو هريرة، والمحدث الألباني، والمصدر صحيح الجامع في الصفحة رقم 8201.
بالنسبة للتخريج، ذكر الموقع أنه أخرجه الترمذي (3339)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1087) باختلاف يسير، والبزار (9591) مختصراً.
ومن أهل التأويل الذين اتفقوا على هذا المعنى ما يلي:
– حدثني يعقوب قال: أخبرنا ابن علية، قال: أخبرنا يونس، قال: أنبأني عمار، قال: قال أبو هريرة: الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة؛ قال يونس، وكذلك قال الحسن.
– حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت حارثة بن مضرِّب، يحدّث عن عليّ رضى الله عنه أنه قال في هذه الآية (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة.
فضائل يوم الجمعة
جَعَل اللهُ عزَّ وجلَّ الخيرَية في يومِ الجُمُعةِ على سائرِ الأيَّامِ؛ لِمَا فيه مِن الفَضلِ والأجرِ والثَّوابِ، والبَركاتِ التي تَنزِلُ مِن اللهِ تعالى، كما بيَّن الشَّرعُ فَضائلَ بعضِ الأيام، وما يكونُ فيها مِن أعمالٍ صالحةٍ، وعِباداتٍ تُقرِّب العبدَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ.
وتطرق موقع الدرر السنية لمكانة يوم الجمعة (الشاهد) في الدين الإسلامي، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ما طَلَعَتِ الشمسُ ولا غَرَبَتْ على يومٍ أفضلَ منه، فيه ساعةٌ لا يوافقُها عبدٌ مسلمٌ يَدْعُو اللهَ بخيرٍ إلا استجاب اللهُ له، ولا يستعيذُ من شرٍّ إلا أعاذه اللهُ منه”.
وأوضح أن المرادُ قوله في هذا الحديث إنَّ في الجمعة ساعةَ إجابةٍ لمَن يَدْعو اللهَ عزَّ وجلَّ في تلك السَّاعةِ، لذا يَنبغي الحِرصُ عليها وعلى الدُّعاءِ فيها.
وقد ورَد في تَحديدِ تلك السَّاعةِ عندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “فالْتَمِسوها آخرَ ساعةٍ بعدَ العصرِ”.
كما ورَدَ أنَّها الساعةُ التي بين أذانِ الجُمُعةِ وانقضاءِ الصَّلاةِ، كما في صحيحِ مُسلمٍ من حَديثِ أبي موسى الأَشعريِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ يعني في ساعةِ الجُمُعةِ: (هي ما بينَ أنْ يَجلِسَ الإمامُ إلى أنْ تُقضَى الصَّلاةُ)، وكلُّ واحدةٍ مِن هاتَينِ الساعتَينِ يُرجَى فيها إجابةُ الدُّعاءِ.