صندوق النقد يتحدث عن مستوى تاريخي للدين العام العالمي
يتجه عبء الدين العالمي إلى تحطيم الرقم القياسي لأعلى نسبة دين مقابل الناتج المحلي الإجمالي، في ظل التداعيات السلبية التي فرضتها جائحة كورونا على اقتصادات العالم.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز الدين العام العالمي مستوى الناتج المحلي الإجمالي المجمع بعد الإجراءات التي أخذتها الحكومات في مواجهة الأزمة الصحية.
ويمثل الدين العالمي المرتفع خطرا كبيرا على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل توقعات بارتفاع مسار الدين العالمي مع تزايد إصابات كورونا، وتطبيق مزيد من الإغلاق في عدد من دول العالم.
وبلغ حجم الدين العالمي في سبتمبر/أيلول 2019، نحو 253 تريليون دولار، وفقا لتقرير معهد التمويل الدولي لمراقبة الديون.
وقال ميتسوهيرو فوروساوا نائب مدير صندوق النقد الدولي الأربعاء، إن الصندوق يساوره القلق حيال ارتفاع مستويات الدين في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء بسبب الإنفاق الموجه لتنشيط الاقتصاد في ظل أزمة فيروس كورونا، وإنه سيحث الدول على مباشرة الإصلاح المالي فور اجتياز الجائحة.
وقال فوروساوا إنه للمرة الأولى على الإطلاق يصبح من المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي مستوى الناتج المحلي الإجمالي المجمع بعد الإجراءات التي أخذتها الحكومات في مواجهة الأزمة الصحية.
وأبلغ حلقة نقاشية عبر الإنترنت نظمها مركز الاقتصاد الياباني بكلية كولومبيا للأعمال “فور عودة الاقتصاد إلى مساره، يجب وضع إطار مالي متوسط إلى طويل الأجل لإدارة الأوضاع المالية العامة على أساسه.
وقالت كريستالنيا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي الأربعاء، إن على الصندوق أن يحسن أدواته لإقراض البلدان الأشد فقرا، والتي قدم تمويلا عاجلا إلى 72 منها في خضم جائحة فيروس كورونا.
أبلغت جورجيفا مؤتمرا عبر الإنترنت أن الأسواق الناشئة ذات العوامل الأساسية القوية أصدرت سندات قيمتها 124 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من 2020، لكن غيرها من الدول ذات العوامل الأساسية الضعيفة عاجزة عن طرق أسواق المال بأسعار في المتناول.
وقالت إن الصندوق يعمل بالتعاون مع الدول الأعضاء ذات الاقتصادات المتقدمة لتحويل بعض حقوق السحب الخاصة – عملة صندوق النقد – إلى الدول ذات الدخل المنخفض التي تضررت بشدة على نحو خاص من جراء الجائحة وتداعياتها الاقتصادية.
كانت جورجيفا حثت الدول الـ189 الأعضاء في الصندوق على إصدار حقوق سحب خاصة جديدة – بما يشبه قيام البنك المركزي بطباعة النقود – وهو ما أيده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وزعماء آخرون.
لكن الولايات المتحدة، المساهم الرئيسي في الصندوق، وعدد قليل من الدول الأخرى حثوا الصندوق على التركيز أولا على التريليون دولار التي يستطيع بالفعل إقراضها قبل الإقدام على مثل تلك الخطوة.
ومنذ ذلك الحين، يعكف مسؤولو صندوق النقد على وضع نظام يحول بعض الأعضاء الأغنياء عن طريقه بعض حقوق السحب الخاصة بهم إلى الدول الفقيرة أو يقرضونهم إياها. ولم تتضح تفاصيل ذلك بعد.
حقوق السحب الخاصة قابلة للاستبدال بعملات أعضاء صندوق النقد، وترتبط قيمتها بسلة من 5 عملات، من بينها الدولار الأمريكي.
تستهدف قروض صندوق النقد مساعدة الدول الأعضاء على معالجة مشاكل ميزان المدفوعات وتحقيق الاستقرار في اقتصاداتهم واستعادة النمو. لكن الصندوق ليس بنك تنمية وهو لا يمول المشاريع.
التصنيفات السيادية عالية المخاطر
وأشارت فيتش الأربعاء، إلى أن الفيروس سيخلف وراءه عجزا ماليا عالميا قدره 9.7 تريليون دولار هذا العام، وهو ما يعادل 12% من الناتج الإجمالي العالمي.
ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الديون 76 تريليون دولار، بما يوازي 95% من الناتج العالمي، وبما يتجاوز ضعفي مستوى 34 تريليون دولار الذي كان عليه قبل الأزمة المالية في 2007 و2008.
وتوقعت فيتش أن ينجم عن موجة خفض التصنيفات الائتمانية السيادية غير المسبوقة التي تسبب فيها فيروس كورونا ارتفاع عدد الدول ذات التصنيف “عالي المخاطر” ليتجاوز الدرجة الجديرة بالاستثمار، وهي سابقة لم تحدث من قبل.
دفعت الأزمة فيتش بالفعل إلى اتخاذ 32 إجراء تصنيفيا سلبيا أثرت على 26 دولة هذا العام، لكن من المتوقع قفزات أخرى في الوقت الذي ما زال فيه أكثر من ثلث تصنيفاتها السيادية البالغ عددها 118 ينطوي على تحذيرات بالخفض مع “نظرة مستقبلية سلبية”.
ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على التوازن بين الدول الأقوى ماليا التي تضمها “الدرجة الجديرة بالاستثمار”، والتي تدور تصنيفاتها بين A وBBB، وتلك ذات الأوضاع المالية الأضعف التي في الفئة “عالية المخاطر” أو ما تعرف “بدرجة المضاربة”.
وقال كبيرا محللي فيتش لشؤون التصنيفات السيادية جيمس مكورماك وتوني سترينجر في تقرير “هناك 5 دول تصنيفها السيادي ’BBB-‘ النظرة المستقبلية لها سلبية، مما يشير إلى أن عدد تصنيفات درجة المضاربة سيفوق قريبا وللمرة الأولى تلك التي في الدرجة الجديرة بالاستثمار”.
ويمكن أن يُحدث سقوط دول من الدرجة الجديرة بالاستثمار إلى الدرجة عالية المخاطر موجة من المشاكل.
إذ يُقصي ذلك سندات البلد بشكل تلقائي من مؤشرات استثمارية رفيعة المستوى، مما يعني أنه لن يظل بمقدور الصناديق المتحفظة – والتي تشمل المستثمرين النشطين والمتابعين الخاملين – شراؤها أو بيعها. ويمكن أيضا أن ترفع تكاليف الاقتراض وتقلص من قيم السندات كضمان في أنشطة البنوك المركزية للتمويل.