فشة خلق / اللاجئون ..بين السندان التركي والمطرقة اليونانية
بقلم / أديب الطهقان
وقف جموع المستقبلين من اليونانيين بانتظار وصول قوارب اللاجئين القادمين من الشطر التركي، وعند وصولهم ارتفعت صيحات الترحيب وأخذوا بالأحضان الدافئة والدموع المنهمرة فرحا باللقاء، فاستقبلوهم بباقات من الورود، ومعاطف تمنح أجسادهم المنهكة الدفء، وأطعمة ساخنة تسكت أصوات جوعهم..
بعتاب أخوي هاجمهم سؤال محب: لِمَ لم تأتوا منذ زمن؟! فنحن نشعر بمعاناتكم لدى الأتراك المتوحشين.. صورة أرادوا رسمها للإنسانية في أسمى معانيها والأخلاق التي افتقدناها من بني جلدتنا وديننا، يا له من مشهد عظيم لم نره حتى في أفلام السينما العالمية، لم يستطع مؤلف بخياله الواسع أن يشطح في التفاصيل وينقل لنا كل شيء بحذافيره، وأستميحكم عذرا لغياب بعض التفاصيل والتي تعكس مدى عظمة الإنسان اليوناني، لقد تعلموا بعض الكلمات العربية الترحيبية كأخلا وسخلا بكم في بلدكم الثاني اليونان، إن القلوب لترق مما تسمع، هنا أدعوكم لدقيقة صمت فكل ما ذكر سابقا هو ضرب من الخيال يحلم به البعض ليهربوا من واقعهم المرير أو أضغاث أحلام يمنون به ليهونوا على أنفسهم من ظلم الأقربين نحو سراب يلهث خلفه الكثيرون ويظنون إنه الخلاص من قسوة الظروف التي لا ترحم ضعف كبيرهم ولا صغيره..
استيقظ كل من أبو محمد السوري وأبو خليل الفلسطيني ومجاهد الأفغاني عندما صفعهم على وجوههم حرس الحدود التركي ودفعهم إلى المجهول ولتكون الصفعة آخر ما يعلق في ذاكرتهم..
وعلى الطرف الأخر من شواطيء جنة الله على الأرض أبحر البعض ببقية حلمهم لتعالى صرخات الإخوة اليونانيين بالشتائم والاستهجان مطالبين بعودتهم من حيث أتوا فعلق القارب المنبوذ تحت سماء واحدة بين دولتين فلا هذا سمح بدخولهم ولا الآخر قبل بعودتهم حيث كانوا، يبدو أن فورة الإخوة انتهى مفعولها مع جميع المضطهدين والمشردين والمهمشين من جميع الإخوة المسلمين وخصوصا السوريون، عندما تتعارض المصالح ويصبح كرم الأخلاق ونصرة المستضعفين عبئا حينها تتغير كل المعايير ويكال بعدة مكاييل لخدمة الأهداف، لم يعد الضيف مرحبا به ولم يعد إحقاق الحق هو الهدف الأسمى مادام يتعارض مع مصلحة الدولة،وأصبحت ورقة اللاجئين ورقة ضغط يلوح باستخدامها عند الحاجة تارة وتفتح الحدود تارة ليتسرب أصحابها ويصبحوا أداة لتحقيق الأغراض،،، هذا ما فعله الرئيس التركي أردوغان والذي صدع رؤوسنا بالشعارات والمبادئ في خطاباته الرنانة والتي لا تكلفه سوى بضع سعرات حرارية وقطرات من العرق تتناسب مع سخونة الحدث، من يسمونه بالسلطان العثماني الجديد والذي انغر الكثيرون بكلامه وامنوا بقدراته ومجدوه لظنهم أنه حامي حمي الدين لم يفهموا أنه تغيرت البوصلة وأصبح التخبط هو مصيرها جنودا أتراك يلقون إلى التهلكة مرة في سوريا وفي ليبيا مرة أخرى وثورة كانت أهدافها سامية وسُرقت من تجار الحرية ليستولوا عليها ويصنعوا ثرواتهم على دماء من ضحى من أجلها لمحاربة الظلم والفساد واقتصاد يترنح لحرف الأنظار عمن قتل هنا وهناك دفع بالمهاجرين والذين اضطهدوا من حكوماتهم ومن الشعب التركي الذي تنمر عليهم وبدأ يطالب بإخراجهم ومهاجمتهم دون حسيب أو رقيب مما يؤكد أن السلطات في أنقرة تؤيد هذا التوجه وتسعى باتجاه إخراجهم والتخلص منهم وطحنهم أكثر مما هم مطحونون من ظروف المعيشة في المخيمات التي لا تمتلك أدنى مقومات الحياة الآدمية وحرب أكلت الأخضر واليابس والبعض من الشعب الذي يعمم السيئة وبعض التصرفات السلبية من بعضهم ويخص الحسنى، ولنكون أمناء فإن تركيا قدمت للاجئين والذي يمثل السوريين السواد الأعظم مالم تقدمه دول أخرى كثيرة تدعي الإسلام والعروبة والإنسانية ولسنوات عديدة والتي مسحتها في العامين الأخيرين بالعنصرية والمعاملة اللانسانية ولا أستطيع اللوم على الحكومات الأوربية والتي استقبلت أعدادا في السابق ولكن للأسف الانطباعات التي تركها البعض منهم بعد وصولهم من العمل في السوق السوداء والتهرب الضريبي ورفضهم الانخراط في المجتمعات وارتكابهم الجرائم وكثير من الممارسات الخاطئة فبقت مخاوف كثيرة وقد تكون مبررة وأحيانا غير ذلك
إن ما يحدث اليوم من مجزرة جديدة يدفع بالسوريين إلى أتونها ليست إلا لعبة سياسية قذرة تدور رحاها بين الدول والتي وقودها الإنسان البسيط الباحث عن أبسط حقوقه كانسان ليتنفس هواءه دون أن يدفع ثمنه أو يبحث عنه في مكان آخر ، في ختام القول اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.
المقالة لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي صاحبها