قانون “التمرد”.. هل يستطيع ترامب نشر قوات الجيش في شوارع الولايات المتحدة لإنهاء الاحتجاجات؟

هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر الجيش الأمريكي في المدن الأمريكية لإخماد الاضطرابات المدنية التي أعقبت وفاة جورج فلويد. ففي حديثه بالبيت الأبيض، فيما تتقدم سلسلة من المركبات العسكرية في شارع بنسلفانيا وتشتبك الشرطة العسكرية وقوات إنفاذ القانون مع المتظاهرين في حديقة لافاييت، صرح ترامب بأنه رئيس القانون والنظام. ولكن هل يتمتع بالسلطة لتنفيذ تهديداته؟

ما الذي يقوله الدستور الأمريكي؟

تشير وكالة Associated Press إلى أنه بموجب قانون Posse Comitatus أو “بوس كوميتاتوس”، في حقبة الحرب الأهلية، يُحظر على القوات الفيدرالية المشاركة في أي إجراءات إنفاذ قانون محلياً مثل عمليات التوقيف أو مصادرة الممتلكات أو تفتيش الأشخاص.

إلا أنه في حالات الضرورة القصوى بإمكان الرئيس اللجوء إلى قانون “العصيان” أو “التمرد” لعام 1807، الذي يسمح له باستخدام القوات العاملة أو قوات الحرس الوطني لإنفاذ القانون.

ويعتبر قانون “بوس كوميتاتوس” قانوناً اتحادياً للولايات المتحدة، تم توقيعه في 18 يونيو/حزيران 1878، من قِبل الرئيس روثرفورد بيرتشارد هايز، والغرض من هذا القانون -بالتوافق مع قانون العصيان لعام 1807- هو الحد من سلطات الحكومة الفيدرالية في استخدام الأفراد العسكريين الفيدراليين لفرض السياسات المحلية داخل الولايات المتحدة.

هل استُخدم قانون التمرد قبل الآن؟

وفقاً لشبكة CNN، استُخدم هذا القانون بشكل خاص في الخمسينات لفرض الفصل العنصري. وبعدها، في الستينات، للتعامل مع أعمال الشغب في ديترويت. وقالت دائرة البحوث التابعة للكونغرس إنه لم يستخدم منذ عام 1992 خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس التي أعقبت تبرئة أربعة من ضباط الشرطة البيض من الضرب المبرح الذي تعرض له رودني كينغ.

وفي مجلة The Atlantic العام الماضي، في تقرير عن إمكانية لجوء ترامب لهذا القانون لإنفاذ قوانين الهجرة، كتب ستيفن آي فلاديك، أستاذ القانون في جامعة تكساس: “قانون العصيان المسلح هو مصطلح شامل لسلسلة من القوانين يعود تاريخها إلى فترة التأسيس، والذي يمارس الكونغرس من خلاله سلطته بموجب المادة 1، الفقرة 8، البند 15 من الدستور التي تنص على أن يضع الكونغرس “أحكاماً لدعوة الميليشيا لتنفيذ قوانين الاتحاد، وقمع التمرد وصد الغزو”.

ما الجهة التي يحق لها تحديد ظروف استخدام هذا القانون؟

يقول فلاديك: “أدرك واضعو الدستور أنه قد تقع ظروف تكون فيها السلطات المحلية غير كافية لحماية المواطنين وإنفاذ القوانين، ولذا فقد سعوا جاهدين لا لتحديد ثلاثة ظروف يمكن فيها اللجوء إلى قوات الجيش، ولكن أيضاً لمنح سلطة تحديد تلك الظروف للكونغرس، وليس للرئيس”.

وأشار فلاديك إلى أن أحد الآراء المهمة للمحكمة العليا قال: “الكونغرس، وليس السلطة التنفيذية، هو المنوط به تقرير حدود الاستعانة بالقوة الحربية لاستخدامها في السياسة الداخلية”.

كيف تكون الآلية الدستورية لتطبيق قانون العصيان؟

بحسب مركز “جاست سيكورتي” التابع لكلية القانون في جامعة نيويورك، فإنه على عكس قوات الحرس الوطني التي تم نشرها مؤخراً في مينيسوتا التي تأخذ تعليماتها مباشرة من حاكم الولاية وتقوم بأدوار قوات الشرطة، إلا أن رئيس الولايات المتحدة ليس مصرحاً له باستخدام قوات الجيش داخل البلاد إلا وفق شروط معينة.

ويقيد قانون بوس كوميتاتوس قدرة الرئيس على استخدام الجيش الفيدرالي في عمليات إنفاذ القانون المحلية، مثل عمليات التفتيش والحجز والاعتقالات، ويجرم قيام الجيش بتنفيذ القوانين “إلا في الحالات والظروف التي يجيزها الدستور أو الكونغرس صراحة”.

ويتماشى هذا القانون مع فكرة التوازن بين السلطات، القائم عليها الدستور الأمريكي، وعدم توغل سلطة على أخرى. ومن هذا المنطلق يمكن أن يتحرك ترامب استناداً إلى القواعد التي تجيز له التدخل في مينيسوتا الواردة في القانونين.

ويشير قانون التمرد إلى إمكانية أن يقوم الرئيس الأمريكي بناء على طلب من الجهاز التشريعي لولاية أو حاكمها باستخدام الجيش الفيدرالي لقمع تمرد.

وقد حدث ذلك في عام 1992 عندما استدعى حاكم كاليفورنيا قانون التمرد، لفض أعمال شغب حدثت في لوس أنجلوس بعد تبرئة شرطيين من قتل رجل، فحينها طلب من الرئيس الراحل جورج بوش الأب التدخل لأن قوات الحرس الوطني في كاليفورنيا لم تكن قادرة على قمع الاضطراب الداخلي. ورد بوش بإصدار أمر تنفيذي أذن لوزير الدفاع بتحويل الحرس الوطني في كاليفورنيا إلى قوات فيدرالية، وتم نقل جنود في الخدمة من قواعد في كاليفورنيا إلى هناك للتعامل مع الأحداث.

وتتسق هذه الفقرة القانونية التي تجيز التدخل بناء على طلب من حاكم الولاية مع الإعلان الأخير الصادر عن البنتاغون السبت، الذي جاء بعد تصاعد أعمال الشغب والنهب في مينيسوتا خلال الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد، فقد أعلن متحدث باسم الوزارة أن العديد من الوحدات العسكرية وُضعت في حالة تأهب قصوى في حالة طلب حاكم مينيسوتا تيم والز المساعدة.

وأكد المتحدث أن وزير الدفاع مارك إسبر، والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة، تحدثا إلى حاكم مينيسوتا تيم والز مرتين خلال الساعات خلال اليومين الماضيين، وأخبراه أن البنتاغون “مستعد للمساعدة إذا لزم الأمر”.

هل من المرجح طلب الولايات لهذا القانون؟

يستبعد مركز “جاست سيكريتي” أن يلجأ والز إلى هذا الأمر بالنظر إلى مواقفه السياسية، وفضلاً عن ذلك تشير الوقائع إلى أن الولايات الأمريكية تاريخياً كانت مترددة في طلب الاستعانة بالجيش الفيدرالي.

وعلى سبيل المثال، طلب حاكم لويزيانا كاثلين بلانكو، إبان إعصار كاترينا، أن يبقى الحرس الوطني تحت سيطرة الولاية ورفض اللجوء إلى الحكومة الفيدرالية.

ويظل استخدام هذا الحق نادراً في التاريخ الأمريكي، بحسب تقرير “جاستس سكيورتي”، ولم يستخدم منذ 28 عاماً (منذ أحداث لوس أنجلوس) ولا حتى مع أحداث مدينة فيرغسون في ولاية ميزوري، حيث اندلعت اضطرابات أعقبت مقتل رجل على يد شرطي، ولا بعد وفاة فريدي غراي، الرجل الأسود الذي قضى في ظروف مشابهة لوفاة فلويد.

كيف سيكون تدخل الجيش في حال تطبيق القانون الآن؟

في حال تطبيق التدخل العسكري لقمع اضطرابات أو تمرد، ستخضع العملية لما يعرف باسم “القواعد الدائمة لاستخدام القوة” التي أقرها الجيش الأمريكي، وهي قواعد أخف من قواعد الاشتباك المستخدمة في المهام العسكرية، ويجب أن يتم تنفيذها بالتنسيق مع جهة تطبيق القانون بالولاية التي يحدث فيها التدخل.

وتشمل هذه القواعد استخدام القوة كملاذ أخير فقط، ووجوب أن تكون القوة المستخدمة عند الحد الأدنى الضروري، وعدم استخدام القوة المميتة إلا عندما لا يمكن اللجوء إلى وسائل أقل ضرراً.

وتجيز هذه القواعد استخدام القوة لحماية المرافق النووية والأصول الخطرة مثل الصواريخ والمتفجرات والمرافق العامة الهامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى