“قيصر” الأمريكي يعصف بالليرة السورية.. أسرع سقوط حر

واصلت الليرة السورية انهيارها أمام الدولار الأمريكي على وقع ترقب عقوبات أمريكية جديدة على النظام السوري خلال الشهر الجاري.

وفي سقوط حر سريع، سجلت الليرة 3000 مقابل الدولار الذي يمثل ملاذا آمنا. كانت الليرة قد كسرت حاجزا نفسيا مهما في السابق عند 2000 مقابل الدولار يوم الخميس.

وقال متعاملون ومصرفيون إن الليرة السورية هبطت إلى مستوى قياسي جديد يوم الإثنين في وقت يسارع فيه المستثمرون للحصول على الدولار قبل فرض عقوبات أمريكية جديدة في وقت لاحق هذا الشهر، الأمر الذي يخشى كثيرون أن يضيق الخناق على حكومة الرئيس بشار الأسد.

 وذكر متعاملون أن العقوبات الأمريكية الأشد المتوقعة في وقت لاحق من هذا الشهر هزت المستثمرين ورجال الأعمال إذ يخشون أن تؤدي إلى تفاقم المحنة الاقتصادية الرهيبة التي تشهدها البلاد والتي تفاقمت بسبب العقوبات الغربية والصراع المدمر على مدى سنوات.

وأوضح المتعاملون أن الناس سارعوا إلى جمع الدولارات لحماية مدخراتهم، فيما أوقف كثيرون من رجال الأعمال المعاملات التجارية في انتظار نهاية لتقلبات الأسعار الشديدة.

ويشعر مستثمرون كثيرون بالقلق من أن العقوبات الإضافية، المعروفة باسم (قانون قيصر لحماية المدنيين)، ستعاقب الشركات الأجنبية التي تتعامل مع الشركات السورية المرتبطة بحكومة الأسد.

ويخشى المستثمرون من أن تشديد العقوبات على الكيانات والأفراد الذين يتعاملون مع سوريا سيقلل من احتمالات تدفق رأس المال من الخارج وهو أمر حاسم لإعادة الإعمار بعد الحرب.

كما تضررت المعنويات بسبب مصادرة سوريا للأصول في الآونة الأخيرة، بما في ذلك فنادق وبنوك وشركة سيريتل لخدمات الهاتف المحمول، المملوكة لابن خال الأسد، رامي مخلوف أحد أثرى رجال الأعمال في سوريا.

وكان يتم تداول الليرة عند 47 مقابل الدولار قبل اندلاع الاحتجاجات على حكم الأسد الشمولي في مارس/ آذار 2011.

وأدى انهيار العملة إلى ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم المصاعب في الوقت الذي يكافح فيه السوريون للحصول على الغذاء والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى.

ولليوم الثاني، احتج عشرات المتظاهرين يوم الإثنين على تدني مستويات المعيشة إثر انهيار الليرة.

– قانون قيصر

وأمس الإثنين، دعا برلمانيون أمريكيون جمهوريون وديموقراطيون إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تطبيق “صارم” للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”.

وينصّ القانون خاصة على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات. ويستهدف القانون أيضاً كيانات روسية وإيرانية تعمل مع نظام الرئيس بشار الأسد.

و”قانون قيصر” الذي وقّعه الرئيس الأمريكي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي يدخل حيّز التنفيذ في منتصف يونيو/ حزيران الجاري.

وأمس الإثنين قال رئيسا لجنتي الشؤون الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ ونائباهما في بيان مشترك إنّ “الشعب السوري عانى كثيراً، ولمدّة طويلة، في ظلّ الأسد وعرابيه”.

وأضاف الجمهوريان جيمس ريش ومايكل مكول والديموقراطيان إليوت إنجل وبوب مينينديز في بيانهم أنّه “يجب على الإدارة تطبيق قانون قيصر بشكل صارم وفي موعده، حتى تصل إلى النظام ومن يحافظون على وجوده رسالة مفادها أنّ الأسد لا يزال منبوذاً”.

وشدّد السناتوران والنائبان على أنّ الأسد “لن يكون قطّ مسؤولاً شرعياً (…) يجب على النظام وعرّابيه وضع حدّ لقتل الأبرياء ومنح السوريين طريقاً للمصالحة والاستقرار والحريّة”.

و”قيصر” هو اسم مستعار لمصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية انشقّ عن النظام عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر الوحشية والانتهاكات في السجون السورية.

وكانت جلسة الاستماع السريّة إليه في الكونجرس عام 2014 الدافع لصياغة هذا القانون الذي حمل اسمه وأقرّ في 2019. وخلال مثوله مجدّداً أمام مجلس الشيوخ في مارس/ آذار الماضي في جلسة أخفى فيها وجهه وارتدى سترة رياضية بغطاء للرأس تفوق قياسه، دعا المنشقّ واشنطن إلى المضيّ قدماً في معاقبة دمشق.

من جهته، دان النظام السوري الأسبوع الماضي التدابير العقابية المنصوص عليها في القانون الأمريكي، معتبراً أنّها تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تواجه السوريين.

– تدهور تاريخي لليرة

وشهدت الليرة السورية في الأشهر الماضية تدهوراً تاريخياً مقابل الدولار مع تفاقم التضخّم في البلاد الغارقة في الحرب منذ 2011.

وبينما يبلغ سعر الصرف الرسمي 700 ليرة مقابل الدولار، تشهد الليرة منذ أيام انخفاضاَ غير مسبوق. وأكّد ثلاثة تجار في دمشق يوم السبت أنّ سعر صرف الدولار في السوق الموازي تجاوز 2300 ليرة “لأول مرة في تاريخه”.

وتعاني سوريا بعد 9 سنوات من الحرب من أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها مؤخراً تدابير التصدّي لوباء كوفيد-19. كما أنّ الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، زاد الوضع سوءاً في سوريا.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011، تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى