“كورونا” يجبر الرئيس الجزائري على أول زيارة ميدانية.. إلى أين؟
أجبر تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد – 19″، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على القيام بـ”أول زيارة ميدانية” له منذ توليه مقاليد الحكم في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث قام بتفقد بعض المؤسسات الطبية للاطلاع على الجهود المبذولة في مجابهة الجائحة التي اجتاحت 46 محافظة، ووصل إجمالي الإصابات بالفيروس إلى 1983 حالة مؤكدة، و313 حالة وفاة، و601 حالة شفاء.
وقام تبون بزيارة المصابين بفيروس كورونا في مستشفى “بني مسوس” وهي إحدى البلديات التابعة للعاصمة، ثم التقى مع الطاقم الطبي والعاملين في المستشفى.
وخصص الرئيس الجزائري حيزا كبيرا من أجندة زيارته الميدانية إلى “الصيدلية المركزية”، حيث وقف على المخزون المحلي من الأدوية والمستلزمات الطبية، بينها مخزون الجزائر من دواء “الكلوروكين” والمعدات الطبية التي استقدمتها على مرحلتين من الصين، والتي تضم الأقنعة الواقية والكمامات ومشخصات الفيروس وأجهزة التنفس الاصطناعي.
وكشف تبون عن وصول المواد الأولية من الهند الخاصة بصناعة دواء “الكلوروكين”، التي ستسمح برفع إنتاج الجزائر من هذا الدواء إلى مليون علبة، في وقت يكفي فيه المخزون الحالي لعلاج 230 ألف مريض.
كما عقد اجتماعين متتاليين في مقر وزارة الصحة مع “اللجنة العلمية المشرفة على المتابعة العلمية لوباء كورونا” التي تضم عددا من الأطباء في مختلف التخصصات والباحثين، بالإضافة إلى اجتماع مع “الهيئة الوطنية الصحية للتنسيق واليقظة”.
واختتم تبون أول زيارة ميدانية له بإصداره 7 قرارات تتعلق بمستقبل المنظومة الصحية في البلاد، التي وصفها بـ”الثورة في قطاع الصحة”، فيما يؤكد الأخصائيون أنها تعيش “وضعاً كارثياً” منذ عدة سنوات.
وأعلن عن قرب استحداث “وكالة وطنية للأمن الصحي” لم يكشف عن مهامها، فيما أشار أخصائيون، لـ”العين الإخبارية”، إلى أنها تختص برصد ومتابعة مختلف الأوبئة والأمراض والبحث عن حلول، وإشراك المستشفيات ومراكز الأبحاث العلمية.
كما تقرر إلغاء الخدمة المدنية للأطباء التي كانت إجبارية على جميع الأطباء المتخرجين ومدتها عامان، على أن يتم تعويضها بصيغ أخرى، ورفع أجور الأطباء وتعويض مجهودات الأطقم الطبية التي عملت في مكافحة فيروس كورونا باحتساب “شهري خدمة مقابل سنة كاملة في رصيد الأقدمية المهنية وسنوات التقاعد”.
وشملت القرارات “التأسيس لمنظومة صحية وقائية تكون ثورة في القطاع بعد انتهاء أزمة كورونا”، ومساعدة مستخدمي قطاع الصحة على الاستثمار الخاص، وتسخير “كل وسائل الدولة بما فيها الطائرات” لإيصال المعدات الطبية في أسرع وقت ممكن إلى جميع مستشفيات البلاد، خصوصا الموجودة في أقصى جنوب الجزائر”.
أولوية الداخل على الخارج
وغداة انتخابه رئيساً للجزائر، حدد عبدالمجيد تبون أولويات ولايته الرئاسية في عامها الأول بتعديل الدستور وإعادة تفعيل دور الدبلوماسية الجزائرية.
غير أن جائحة كورونا أعادت بعثرة أوراق الرئيس الجزائري وفق المتابعين، ودفعت بالمشاكل الداخلية إلى صدارة أولوياته الرئاسية، كان فيها قطاع الصحة والتجارة الداخلية أبرزها، خصوصا ما تعلق منها بالمضاربة وأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية التي لطالما “خرجت عن تحكم الدولة” في مختلف المناسبات والمواعيد الاستثنائية.
ويعيب متابعون على الرئيس الجزائري “تأخير الوضعين الاقتصادي والاجتماعي” إلى “ثالث أولوياته الرئاسية”، خصوصا مع الإرث الثقيل لنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، الذي يقول الخبراء إنه كان “الأولى بالرعاية الرئاسية”، بعد أن “أعطى الانطباع” بأن الأولوية لقضايا سياسية وخارجية على حساب التي تخص مشاكل المواطن، كما يقول مراقبون.
غير أن جائحة كورونا زادت من تحديات تبون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسط تحذيرات أطلقها خبراء من “احتمال حدوث انفجار اجتماعي بعد انتهاء أزمة كورونا”.
غير أن مراقبين آخرين يرون أن تعامل السلطات الجزائرية مع تفشي كورونا يبقى “حازماً وعلى أكثر من مستوى”، خصوصا ما تعلق منها بالتدابير الاحترازية الكثيرة التي تقررت على عدة مراحل لمنع انتشار الوباء بشكل أكبر، مع سعي الحكومة لتوفير كل المستلزمات والمعدات الطبية، سواء من خلال الجسر الجوي مع الصين، أو زيادة وتشجيع الإنتاج المحلي.
بالإضافة إلى الإجراءات الاقتصادية التي تقررت، بينها الحفاظ على مناصب العمال ومنحهم عطلا إجبارية مدفوعة الأجر، ودعم المؤسسات والشركات المتضررة مادياً وإعادة جدولة ديون بعض منها.
لكن المؤكد بحسب المتابعين للوضع في الجزائر، أن جائحة كورونا تبقى “الامتحان الأصعب” أمام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية ولمستقبلها، ولبلد لم يخرج بعد من تبعات أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية تركها النظام السابق، قد تدفع إلى تغييرات عميقة في أجندة تبون الرئاسية في المرحلة المقبلة.