كيف جسدت خدمات الاستريمينج العرب والمسلمين؟
لطالما كان تعامل هوليوود مع “الآخر” محل دراسة واهتمام عديد من النقاد والباحثين، وهنا نحن نتحدث عن الآخر كمفهوم اجتماعي مجرَّد بغضّ النظر عن هويته، فقد يكون عربياً تارة، أو آسيوياً في مناسبة أخرى ، أو حتى مواطناً أمريكياً ولكن من أصول إفريقية أو مهاجرة.
ولعل تناول هوليوود لشخصية العرب والمسلمين لم ينل الاهتمام نفسه الذي نالته شخصيات غيرهم من دراسات أكاديمية ونقدٍ إعلامي، لكن ماكينة السينما الأمريكية صوّرت العرب كغيرهم من “الغرباء” الذين يتم تصويرهم عادةً بصورٍ نمطية جامدة غير دقيقة على الأغلب.
وهناك عدة أعمال مهمة بهذا الصدد مثل كتاب Reel Bad Arabs لجاك شاهين، الذى تحوَّل فيما بعد إلى فيلمٍ وثائقي بالعنوان نفسه، ويحكي كيف صوّرت هوليوود العرب عبر العقود، ونقلته للعربية “الجزيرة الوثائقية” بعنوان “العرب الأشرار”.
وبحسب شاهين فإن 5% فقط من كل العرب الذين ظهروا على شاشات هوليوود ظهروا كأشخاص طبيعيين، أما البقية فقد ظهروا كأحد أشكال الصور النمطية الثابتة للعرب لدى الغرب.
والأمثلة تكاد لا تعدّ، فعلى سبيل المثال ظهر العربي في ثلاثية Back to the Future كإرهابي يقوم بقتل أكثر شخصية محبَّبة للمشاهد على مدار الفيلم. أما في سلسلة Indiana Jones فقد قرر المخرج على سبيل المثال، تغيير مشهد كامل يصوّر معركة بين بطل الفيلم وأحد الأشخاص العرب، ليظهر تفوُّق جونز الكامل على العربي الذي بدا أحمق.
ولكن مع ارتفاع مدّ السياسات الملوّنة politics of color في الولايات المتحدة وتركيز عديد من الأجندات السياسية -خاصةً الحزب الديمقراطي- على حقوق الأقليات، أصبحت للشخصيات العربية والمسلمة بشكل عام، تصويرات مختلفة على الشاشة، ولعل إنتاجات منصات كـNetflix وAmazon Prime وغيرها تُعد أمثلة جيدة على هذا الاتجاه.
سنستعرض في هذا التقرير خمس شخصيات عربية أو مسلمة تناولتها منصات البث المختلفة، وحاولت تقديم أبعاد جديدة لشخصياتهم، لنرى إلى أي حد استطاعت هوليوود كسر الصورة النمطية.
1- حنين من مسلسل Jack Rayn
مصدر الصورة: برايم فيديو
لعل الدور الذي تلعبه الممثلة السعودية دينا شهابي في مسلسل Jack Ryan الذي يعرض على منصة Amazon Prime، يعد صورة نمطية أخرى للمسلمين للوهلة الأولى، فهي -بحسب حبكة المسلسل- زوجة الإرهابي “سليمان”، وقد تظن هنا أن المسلسل سيقدم لك الصورة النمطية لزوجة الإرهابي المغلوبة على أمرها والتي لا تستطيع فعل أي شيء لحماية نفسها، إلا أنها ستفاجئك بشخصيتها القوية التي ستفعل أي شيء لحماية أطفالها. وعلى الرغم من أن قصة حنين تعتبر ثانوية في حبكة المسلسل الذي يتحدث عن أحد محللي جهاز الاستخبارات الأمريكية CIA، ويلعب دوره توم كلانسي نجم مسلسل The Office الشهير- فإن قصة حنين حازت إعجاب عديد من النقّاد، فكما تقول دينا شهابي في مقابلة مع موقع “ياهو”: “أغلب الأدوار التي تعرض عليَّ أقوم فيها بدور المرأة العربية الضحية التي ليس بمقدورها شيء… لكن قصة حنين مختلفة تماماً”.
2- رامي من مسلسل Rami
يعد مسلسل “رامي” الذي تعرضه منصة هولو Hulu، نقلة نوعية على عدّة مستويات في كسر الصور النمطية المتعلقة بالعرب، فهو من تأليف وإخراج وبطولة الكوميدي الأمريكي من أصل مصري رامي يوسف، ويشاركه في البطولة ممثلون عرب كالمصري عمرو واكد الذي يجسد دور والده. ويُعتبر المسلسل أول عمل أمريكي مخصص لمناقشة قضايا العرب أو المسلمين في الولايات المتحدة. يؤكد رامي في لقاء له تحدَّث فيه بالعربية مع “BBC عربية”، أن المسلسل محاولة لكسر الصورة النمطية عن العرب أو المسلمين، حيث يحاول أن يجسّد رامي في مسلسله الأشخاص العرب على أنهم أناس من لحم ودم، يحملون تناقضات وملامح إنسانية. يقول رامي: “الأمر لا علاقة له بتصويرنا على أننا مثاليون، الأمر متعلق بأن يتم تصويرنا على أننا بشر”.
3- هالة من فيلم HALA
نستعرض هذه المرة شخصية مسلمة ولكنها ليست عربية، هالة الفتاة الباكستانية المراهقة التي يدور حولها الفيلم، وهو يُعرض حصرياً علي منصة Apple TV. يحاول الفيلم تصوير الصراع العائلي الذي تمر به الفتاة، بين محاولة اندماجها في المجتمع الأمريكي الذي تعيش فيه ومحاولتها عدم إغضاب والديها، في تيمة تُذكِّرنا بعض الشيء بمسلسل رامي. المميز في فيلم هالة هو الدراما المكثّفة وعمق الشخصيات، فالأب والأم ليسا مجرد شخصيات أحادية البعد تحاول قمع محاولة هالة، الانفتاح.. العكس تماماً، يستعرض الفيلم دراما الأب والأم على هامش الأحداث. والفيلم من إخراج وتأليف منهال بايج، وهي من أصول باكستانية، وهو مستوحي من فترة مراهقتها.
4- نادية من مسلسل Elite
مسلسل Elite هو ثاني عمل إسباني من إنتاج نتفلكس بعد عملها الأول ذائع الصيت la casa de paple الذي عرضته نتفيكس بالعربية بعنوان “البروفيسور”. تلقَّى الجمهور الغربي العمل بإشادة واسعة، على انحيازه إلى الأقلية المسلمة فى أوروبا، ففي أولى حلقاته يجد المشاهد الأوروبي نفسه أمام شخصية نادية التي بدأ يتعاطف معها في مشهد يجمعها بمدير المدرسة ويهددها بالفصل من الدراسة في حال لم تخلع حجابها. يأتي هذا المشهد على خلفية منع فرنسا ارتداء الحجاب في مدارسها وجامعتها، غير أن المسلسل أثار كثيراً من الانتقادات في العالم العربي، وصلت إلى أن دعا نشطاء إلى مقاطعة نتفلكس وإلغاء الاشتراك بها؛ وذلك نظراً إلى أن المسلسل كغيره يستعرض الجوانب الشخصية لعائلة نادية المسلمة والتي تنطوي على ممارسات قد تعكر مزاج المشاهد المحافظ مثل العلاقة المثلية بين عمر الشاب المسلم وصديقه بالمسلسل آندير.
5- اختيار الجمهور
تعجُّ منصات الاسترمينج المختلفة بعديد من الشخصيات المتنوعة، فكما ذكرنا في بداية المقال، هناك اتجاه واضح لدى تلك المنصات لتحدي الصور النمطية لمختلف الأعراق والثقافات، ولا بد من أنك لاحظت إحدى الشخصيات العربية أو المسلمة، سواء كان “رحيم” من مسلسل Sex Education أو حتى المخترقين الباكستانيين الذين يقومون بالعمليات الاستخبارتية لمساعدة البرفيسور في La Casa de Papel.