لأول مرة منذ 3 سنوات!.. النفط يصل ذروته وهؤلاء هم الرابحون والخاسرون من زيادة الأسعار

تواصل أسعار النفط الخام ارتفاعها بوتيرة سريعة، مع اتساع في الطلب، ما يعكس تعافياً اقتصادياً أسرع من المتوقع، خصوصاً في الاقتصادات الكبرى، كالولايات المتحدة والصين، استجابة لعمليات التطعيم ضد كورونا.

فتحت أسعار تعاملات الإثنين 28 يونيو/حزيران 2021، أكثر قليلاً من 75 دولاراً للبرميل لمزيج برنت، و74 دولاراً للخام الأمريكي، قرب أعلى مستوياتهما منذ قرابة ثلاثة أعوام.

منذ بداية العام الحالي، سجلت أسعار النفط ارتفاعاً بنحو 50%، بواقع 48% لخام برنت و53% للخام الأمريكي، بينما ارتفعت المكاسب بنسبة 80% منذ إعلان شركتي “فايزر” و”بيونتيك” عن تطوير لقاح ضد فيروس كورونا في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

كيف يمكن لـ”كورونا الهند” تهديد جهود أوبك بلس المضنية خلال عام كامل، تعبيرية/ رويترز

وبإغلاق تعاملات الجمعة، تكون أسعار الخام ارتفعت بما يزيد على 300% منذ انهيارها غير المسبوق في أبريل/نيسان 2020، في ذروة الموجة الأولى لتفشي الجائحة، ما ألحق ضربة قاسية باقتصاديات الدول المنتجة للخام.

في أبريل/نيسان 2020، انحدرت أسعار برنت إلى أدنى مستوى في أكثر من 20 عاماً عندما كسرت حاجز الـ16 دولاراً للبرميل هبوطاً، فيما انهارت أسعار الخام الأمريكي إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ، عندما بلغت سالب 37 دولاراً للبرميل.

واليوم، انعكست الصورة، فمن كان رابحاً بالأمس تحول إلى الخسارة، ومن كان خاسراً بات من أكبر الرابحين.

الرابحون

يعد منتجو النفط الرابح الأكبر من الارتفاع في أسعار الخام، وهم جميع أعضاء ما يعرف بتحالف “أوبك+”، الذي يضم منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وعددهم 13 دولة بقيادة السعودية، إضافة إلى 11 دولة منتجة من خارجها بقيادة روسيا.

تأتي السعودية على رأس قائمة الدول الرابحة، بإنتاج يتجاوز 8 ملايين برميل يومياً، وصادرات تبلغ حوالي 6.5 ملايين برميل يومياً، والتي تشكل عائداتها أكثر من 50% من إيرادات المملكة.

أسعار النفط عادت للتعافي / رويترز

بلغت الإيرادات المالية السعودية النفطية في الربع الأول 2021، 116.6 مليار ريال (31.1 مليار دولار)، متراجعة 9% على أساس سنوي، بسبب خفض المملكة للإنتاج التزاماً باتفاق “أوبك+” اعتباراً من مايو/أيار 2020.

تأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني، باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم، بإنتاج يبلغ حوالي 13 مليون برميل يومياً، وصادرات تتجاوز 3 ملايين برميل، لكن كونها أكبر مستهلك في العالم يحد من هذه المكاسب.

وتحتاج الولايات المتحدة إلى سعر مرتفع للخام، لتعويض ارتفاع كلفة استخراج الزيت الصخري، والتي تبلغ حوالي 43 دولاراً للبرميل.

وتحتل روسيا المركز الثالث كأكبر مستفيد من ارتفاع أسعار الخام، إذ تنتج حوالي 10.5 مليون برميل في اليوم، تصدِّر منها أكثر من 4.6 مليون برميل يومياً.

وتحتل كندا المرتبة الرابعة بحجم إنتاج يومي يبلغ حوالي 5 ملايين برميل.

ويأتي العراق في المرتبة الخامسة، بصادرات تبلغ حوالي 3 ملايين برميل يومياً، والتي تشكل عائداتها أكثر من 92% من إيرادات الدولة العراقية.

الخاسرون

في المقابل، فإن الدول المستوردة للخام هي الخاسر الأكبر من ارتفاع أسعار النفط.

وتأتي الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، في مقدمة الدول الخاسرة من ارتفاع أسعار الخام، إذ تستورد نحو 12 مليون برميل يومياً.

وارتفاع أسعار النفط، يحد من ميزة الصين، كبلد منتج لغالبية السلع حول العالم بأسعار منخفضة، ما يجعلها القبلة المفضلة لغالبية البلدان المستوردة للمواد الخام والمصنعة.

وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية من حيث الواردات النفطية، بحوالي 6 ملايين برميل يومياً، لكن حجم إنتاجها الضخم من النفط الخام (بلغ إنتاجها ذروته متجاوزاً 19 مليون برميل في 2019)، يعوض هذه الخسارة.

الصين خيمت على زيارة بايدن لأوروبا/رويترز

وتأتي الهند في المرتبة الثالثة بحجم واردات نفطية يبلغ حوالي 5 ملايين برميل يومياً، ما دفعها لمطالبة تحالف “أوبك+” برفع القيود عن الإنتاج، وتسبب ذلك بأزمة دبلوماسية مع السعودية.

وتحتل اليابان المركز الرابع في قائمة أكبر الدول المستهلكة والمستوردة النفط، منفردة بحجم واردات يتجاوز 3 ملايين برميل يومياً.

ويأتي هذا الصعود في أسعار النفط عالمياً، مع تزايد الطلب على الاستهلاك وارتفاع نسب التضخم بتسارع غير مسبوق، ما يهدد بأزمة عالمياً عمادها أسعار المستهلك، يضاف لها صعود أسعار النفط وزيادة كلفة النقل والتصنيع.

وباستثناء بريطانيا والنرويج وهولندا، التي تكتفي ذاتياً باحتياجاتها من النفط، فإن باقي دول أوروبا تصنف بين الخاسرين جراء ارتفاع أسعار النفط الخام.

ويتجاوز معدل استهلاك دول الاتحاد الأوروبي، مجتمعة، 15 مليون برميل يومياً.

وتبقى الدول النامية التي تستورد معظم احتياجاتها من النفط ومشتقاته، كمصر ولبنان والأردن وتونس والمغرب، والتي تعاني مستويات كبيرة من الفقر والبطالة، وتنفق مبالغ طائلة على دعم الوقود، الخاسر الأكبر على الإطلاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى