آخر الأخبارتحليلات و آراء

ما قصة اليورانيوم المفقود في ليبيا؟ حكاية تركة المشروع النووي الذي حلم به نظام القذافي قبل 40 عاماً

بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً عن فقدان أطنان من خام اليورانيوم في ليبيا، أعلنت قوات تابعة لميليشيا الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الخميس 16 مارس/آذار 2023، العثور على براميل اليورانيوم جنوبي البلاد. وهذه الكمية يُعتقد أنها أكبر كمية ضائعة على الإطلاق من اليورانيوم، ما أثار مخاوف بشأن الأمن النووي في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا التي تنتشر فيها الميليشيات المسلحة.

ولم تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما إذا كانت هذه هي البراميل المفقودة ذاتها، لكن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي، أبلغ أعضاء الوكالة أن مفتشيها اكتشفوا، الثلاثاء، اختفاء 10 أسطوانات تحوي قرابة 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي كانت مخزنة في موقعٍ جنوبي ليبيا، وفق بيان سري نقلته “رويترز”.

ما قصة براميل اليورانيوم المفقودة في ليبيا؟

رغم إعلان قوات حفتر عثورها على اليورانيوم المفقود، يقول محللون إن اختفاءها أثار مخاوف من أنها “أخذت نيابة عن دولة تسعى لتطوير أسلحة نووية” بحسب صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس، إن مفتشيها اكتشفوا أن 10 براميل تحتوي على اليورانيوم فقدت من موقع للتخزين في ليبيا، وقالت إنها ستعمل “على توضيح ظروف إزالة المواد النووية وموقعها الحالي”.

ويقول سكوت رويكر، نائب رئيس أمن المواد النووية في مبادرة التهديد النووي، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، إنه على حد علمه كانت هذه أكبر كمية من خام اليورانيوم تم فقدها على الإطلاق. وأضاف لفايننشيال تايمز: “ليس هناك خطر إشعاع، لكن القلق هو: من يريد الحصول على المواد التي تستخدم كمواد وسيطة للأسلحة النووية؟”.

وقال رويكر إن مصدر القلق الرئيسي هو أنه ربما يكون قد سُرق نيابة عن دولة لديها برنامج نووي غير معروف حتى الآن، لكنه “لن يستبعد إيران وكوريا الشمالية كمشترين محتملين”.

“اليورانيوم سُرق من جماعة تشادية بعدما ظنّت أنه لا فائدة منه”

من جهته، يزعم اللواء خالد المحجوب من قوات حفتر، أن البراميل ربما تكون قد سُرقت من قبل “جماعة تشادية متمردة” ربما تخيلت وجود أسلحة وذخائر في المخزن، لكنها تركتها بعد ذلك في الصحراء عندما اكتشفوا أنها لا فائدة لها.

ويرى ولفرام لاتشر، الخبير في الشؤون الليبية والمساعد البارز في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن منشأة التخزين، التي لم تذكرها الأمم المتحدة، كانت على الأرجح في منطقة سبها الوسطى.

حفتر
مقاتلون تابعون لقوات خليفة حفتر – Getty Images

وقال لاشر، في إشارة إلى خليفة حفتر، قائد ميليشيا الجيش الوطني الليبي: “منذ أوائل عام 2019 كانت هذه المنطقة تحت سيطرة حفتر، الذي عزّز سيطرته بمرور الوقت”.

وألقى المحجوب باللوم على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفشلها في توفير معدات الحماية التي قال إنها وعدت عام 2020 حراس الموقع بحمايتهم من أضرار الإشعاع، وادعى أن ذلك دفع الحراس إلى التمركز بعيداً عن المستودع.

كما قال إنهم يخشون من مشاكل صحية مثل “الشلل والعقم”، ومع ذلك، قال رويكر إنه لم تكن هناك حاجة إلى معدات واقية للأشخاص الذين يعملون بالقرب من خام اليورانيوم، فخام اليورانيوم ليس مفيداً على الفور لإنتاج الطاقة أو لصنع الأسلحة، ولكن يجب أن يخضع أولاً لعملية التخصيب.

وقال لاشر إن قوات من مجموعة فاغنر، منظمة المرتزقة الروسية التي تدعم حفتر، كانت تتمركز في موقعين بالقرب من منشأة التخزين، التي تحتوي على اليورانيوم الذي تم شراؤه في عهد معمر القذافي، الذي قُتل عام 2011.

لكن طرابلس تشكك في رواية حفتر

من جهته، شكك مصدر عسكري وثيق الاطلاع في حكومة طرابلس بصحة ما أعلنته قوات الشرق الليبي، بما يتعلق بإيجادها للكمية المختفية من اليورانيوم. وشكك المسؤول خلال حديثه مع “عربي بوست”، في الفيديو الذي نشرته قوات اللواء خليفة حفتر، مشيراً إلى أن “البدلة التي كان يرتديها أحد العناصر الأفارقة عندما كان يوضح ويشرح أعداد براميل اليورانيوم التي يقولون إنهم وجدوها، هي بدلة معنية فقط بحالات كورونا عندما تفشت داخل الأراضي الليبية”.

وقال المصدر إنه لا يمكن إثبات صحة إعلان العثور على براميل اليورانيوم المختفية، إلا حينما تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك، مؤكدا أن مليشيات الفاغنر والمليشيات التشادية وراء اختفاء كمية اليورانيوم، حسب تعبيره.

وأضاف لـ”عربي بوست”: “كيف تم إخراج البراميل ومحاولة تهريبها من وسط ليبيا إلى الحدود، بهذه السهولة بالعبور من كل نقاط التفتيش الأمنية، والعثور عليها بهذه الطريقة، ما يعني قطع مسافة أكثر من 700 كيلومتر، وليس 5 كليومترات كما أعلنوا”. لافتاً أيضا إلى أنه لطالما استخدمت مرتزقة الفاغنر المنطقة الشرقية ومعكسر الرجمة كجسر عبور من الخارج إلى الأراضي الليبية.

ما قصة المشروع النووي الليبي؟

في عام 1968، وقّعت ليبيا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وأُبرمت المعاهدة عام 1975، وعقدت اتفاقية الحماية عام 1980. على الرغم من التزام ليبيا بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، أشارت تقارير إلى أن معمر القذافي أجرى محاولات فاشلة بداية الثمانينيات لصنع أسلحة نووية، أو دخل في اتفاقية شراء سلاح نووي من الدول النووية.

بذل القذافي في ثمانينيات القرن العشرين محاولات عديدة بهدف تسريع تحقيق طموحاته التي يسعى إليها في إنشاء برنامج أسلحة نووية فعال، مستخدماً مصادر السوق السوداء النووية. 

الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش خلال تفقده المواد النووية وأجهزة الطرد المركزي التي سلمتها ليبيا وتم نقلها جواً إلى مختبر أوك ريدج، بولاية تينيسي الأمريكية عام 2004/ Creative Commons

ولكن بعد نهاية الحرب الباردة عام 1991، سعى القذافي إلى حل أزمات ليبيا النووية مع الولايات المتحدة بهدف رفع العقوبات المفروضة على البلاد، وأقر أخيراً بالتراجع عن برنامج ليبيا لأسلحة الدمار الشامل في 19 ديسمبر/كانون الأول عام 2003.

وحُلت قضية نزع السلاح الليبي سلميًا في ديسمبر/كانون الأول عام 2003، عندما وافق الزعيم الليبي معمر القذافي على التخلص من برنامج أسلحة الدمار الشامل في بلاده، بما في ذلك برنامج الأسلحة النووية الذي بلغ عمره عقوداً.

وكجزء من اتفاق مصالحة مع الغرب بعد الغزو الأمريكي للعراق، قال إنه تخلى عن برنامجه لإنتاج أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية، وأعلن أن المنشآت السرية مفتوحة للتفتيش.

وقام المفتشون بإزالة آخر اليورانيوم المخصب من ليبيا بحلول عام 2009، ولكن بقيت مخزونات خام اليورانيوم غير المخصب، وهي التي فقدت آثارها مؤخراً، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبدءاً من عام 2013، بقي أكثر من 800 طن من مكونات الأسلحة الكيميائية بحاجة للتدمير، وفي فبراير/شباط عام 2014، أعلنت الحكومة الليبية حينها أنها انتهت من تدمير كامل مخزون ليبيا القديم المتبقي من الأسلحة الكيميائية، وكان من المقرر أن يكتمل تدمير مكونات الأسلحة الكيميائية بحلول عام 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى