نهاية أحد أخطر مجرمي أوروبا.. تفاصيل اعتقال رضوان تاغي بدبي
ما زالت التفاصيل تتكشف بشأن رضوان تاغي، الموصوف بأنه ”أخطر رجل في هولندا“ والذي ألقي القبض عليه، يوم الإثنين الماضي، في مدينة دبي بدولة الإمارات، حيث أثنت الشرطة الهولندية على نظرائهم في دبي لتعاونهم.
وقال العميد جمال الجلاف، مدير إدارة التحقيقات الجنائية بشرطة دبي: ”كانت الشرطة من هولندا ودول أوروبية أخرى تطارد تاغي لمدة 10 سنوات“.
وكشف المسؤول الإماراتي عن صدمة تاغي زعيم عصابة ”ملائكة الموت“ عندما داهمت الشرطة فيلته في دبي واعتقلته.
وأضاف الجلاف: ”لم يكن يتوقع اعتقاله في دبي، وعندما اعتقلته وحدة خاصة من شرطة دبي داخل الفيلا، قال إنه لم يكن يتوقع أن يتم القبض عليه بعد كل هذه السنوات من الاختباء، لقد أخبرنا بعد أن داهمنا الفيلا، أن شرطة دبي هي الأفضل لأنه ظل هاربا منذ سنوات عديدة“.
وقالت شرطة دبي، إن القبض على تاغي استغرق 5 أيام فقط، بعد أن أصدر الإنتربول مذكرة التوقيف.
وقال الجلاف: ”لقد قمنا بتحليل كمية هائلة من البيانات والمعلومات بجانب سجلات كاميرات المراقبة في المدينة لتحديد موقع تاغي، فهو ذكي ولم يقم بأي عمليات شراء أو معاملات باسمه منذ وصوله إلى دبي ولم يترك أي أثر، وهذا كان تحديا كبيرا لنا، لكننا اعتقلناه في النهاية“.
ودخل تاغي 41 عاما، ذو الأصل المغربي إلى دبي عام 2016 باستخدام اسم مختلف، وبجواز سفر وتأشيرة صدرت قبل إصدار الإنتربول لأمر توقيفه.
وقال المسؤولون في دبي، إن تاغي نادرا ما غادر منزله واتخذ تدابير للبقاء بعيدا عن الأنظار.
وقال الجلاف: ”كانت ستائر فيلته مسدلة دائما.. كان تاغي حذرا، شديد الحذر“.
وكانت الشرطة الهولندية عرضت مكافأة قدرها 100 ألف يورو، للحصول على معلومات تتعلق بمكان تاغي، وهي الأعلى في تاريخها، لكنه ظل متواريا عن الأنظار إلى حد كبير حتى منتصف العقد الأول من القرن الـ 21، عندما بدأ في تهريب الكوكايين إلى أوروبا عبر المغرب وأمريكا الجنوبية.
ويدعي المحققون أنه مطلوب فيما يتعلق بما لا يقل عن 20 جريمة قتل، أمر بها هو وزميله ”سعيد رزوقي“، الذي ما زال هاربا.
وقالت شرطة هولندا التي راقبت الدردشات بين المشتبه بهما، إنهما كانا يأمران بعمليات القتل هذه، بكل بساطة وكأنهما يطلبان القهوة.
وكانت أبرز عمليات الاغتيال التي أمرا بها، ضد محامي الادعاء ”ديرك ويرسوم“ (44 عاما)، في أمستردام في سبتمبر، والذي قُتل رميا بالرصاص أمام زوجته؛ وذلك لأنه كان محامي الدفاع عن شخص يدعى ”نبيلا“، كان عضوا في عصابة تاغي وتحول إلى مخبر وكان من المتوقع أن يشهد ضد تاغي ورزوقي.
وجاء اغتيال ويرسوم بعد عام من اغتيال شقيق نبيل الذي لم يكن له أي صلة بالعصابة، وأثارت جريمة قتل ويرسوم الجريئة ضجة في البلاد، وأجبرت الشرطة على تكثيف تحقيقاتها، حيث كُلف حوالي 100 من الضباط والخبراء الماليين بالقضية، وسرعان ما تم وضع تاغي في قائمة ”المطلوبين“ في أوروبا.
وترعرع تاغي في مدينة ”فيانين“ الهولندية الصغيرة، وشق طريقه في عالم الجريمة في التسعينيات، وسرعان ما ظهر كواحد من أكبر تجار المخدرات في أوروبا. ويعتقد أنه بنى إمبراطوريته للمخدرات من خلال الاستيلاء على طرق تهريب المخدرات بين المغرب وأوروبا.
وعلى الرغم من السيطرة على حوالي ثلث تجارة الكوكايين في أوروبا، نجح تاغي في التواري عن الأنظار لسنوات أثناء قيامه بتأسيس شبكات تهريب وتوزيع عبر فرنسا وبلجيكا وألمانيا دون أن يترك أثرا يدينه.
وظهر اسم تاغي لأول مرة في تقرير للشرطة في عام 2015، عندما شنت السلطات الهولندية حملة على فرقة الإعدام التي ارتكبت جرائم قتل أمر بها زعماء العصابات.
ومع ذلك، لم يتم توجيه أي اتهام لتاغي بسبب عدم وجود أدلة كافية، وجاء أول دليل حقيقي على أعماله العنيفة في العام التالي، عندما تحصلت السلطات على عدة رسائل نصية تبادلها مع شبكته الإجرامية.
وأرسل تاغي رسالة إلى أحد مؤيديه بعد مقتل رجل في عام 2016، قال فيها: ”إنه يستحق ذلك؛ لما أفصح عنه من معلومات عن مجموعتنا“.
وفي عام 2013، أمر تاغي بقتل صهره في إسبانيا في أعقاب خلاف حول شحنة مخدرات، وقال مخبر للمحققين لاحقا: ”من يتحدث عن المنظمة يُقتل“.
ومع ذلك لم تسر كل عمليات الاغتيال وفقا للخطة، وفي مناسبتين في عام 2017، قتل فريق الإعدام الرجل الخطأ، واحد منهم تبين أنه ابن قاض.
وفي عام 2018، وضعت النيابة العامة تاغي وذراعه الأيمن رزوقي في قائمة التحقيقات الدولية، وقالت إن تاغي كان يأمر بعمليات القتل وكأنه يطلب القهوة.
ومع ذلك ظل تاغي هاربا، وغير مظهره كل بضعة أشهر واستخدم جوازات سفر وتأشيرات مزورة، ولكن في النهاية، نفد حظه هذا الأسبوع، عندما داهمت شرطة دبي الفيلا واعتقلته، منهية سنوات من المطاردة.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن أخبار القبض على تاغي قوبلت بالثناء والبهجة في هولندا.
وقال ألكساندر كنوبس، أستاذ سياسات القانون الدولي بجامعة أمستردام: ”الآثار السياسية للاعتقال كبيرة.. من المحتمل أنها واحدة من أهم عمليات القبض في هولندا في العامين الماضيين“.