نواف الأحمد.. صاحب بصمات “التطوير” يقود الكويت

يعد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (83 عاما)، الذي يؤدي اليمين الدستورية، الأربعاء، أميرا للكويت، أحد مؤسسي الكويت الحديثة وصاحب “البصمات” في إرساء دعائم الدولة وعمليات النهضة والبناء والتنمية التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال في 19 يونيو/ حزيران 1961.

رحلة عطاء وإنجازات استمرت نحو 58 عاما، بدأت بتوليه منصب محافظ حولي بعد عام واحد من الاستقلال، ثم تولى عددا من الحقائب الوزارية بينها الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية والعمل، وترك فيها جميعا بصمات واضحة وإنجازات بارزة.

تلك السيرة الحافلة بالإنجازات، دفعت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت بتزكيته لولاية العهد في 7 فبراير / شباط 2006، نظرا إلى ما عهد فيه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب فضلا عن توافر الشروط المنصوص عليها في الدستور وأحكام قانون توارث الإمارة به، ليظل على مدار 14 عاما خير عضد ومساعد للشيخ صباح في استكمال مسيرة البناء والنهضة التي تشهدها الدولة.

وتنص المادة الرابعة من الدستور والمادة الأولى من قانون توارث الإمارة على أن “الكويت إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح”، فيما تنص المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة على “أنه إذا خلا منصب الأمير نودي بولي العهد أميرا.”

ويعقد مجلس الأمة الكويتي، الأربعاء، جلسة خاصة، يؤدي خلالها الشيخ نواف الأحمد اليمين الدستورية أميرا للبلاد.

مولده ونشأته

ولد الشيخ نواف في 25 يونيو/حزيران 1937 في مدينة الكويت، وهو النجل السادس لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح الذي حكم البلاد في الفترة (من عام 1921 وحتى عام 1950).

نشأ وترعرع في بيوت الحكم منذ ولادته، وهي بيوت تعتبر مدارس في التربية والتعليم والالتزام والانضباط، وإعداد وتهيئة حكام المستقبل، الأمر الذي كان له أثر على شخصيته.

تعلم في مدارس الكويت المختلفة وتميز بالحرص على مواصلة تحصيله العلمي، وظلت هذه الصفة تلازمه فيما بعد وتجلت بتشجيعه لطلبة العلم في مختلف مراحل التعليم الإبتدائي والمتوسط والثانوي والعالي، انطلاقاٍ من رؤيته بأهمية التحصيل العلمي الذي يعتبر أساسا تقدم المجتمعات ورقيها.

أول منصب.. 16 عاما محافظا لحولي

بدأ الشيخ نواف رحلة عمله السياسي وهو في الخامسة والعشرين من عمره، بتولي منصب محافظ حولي في 12 فبراير/شباط 1962، وذلك بعد نحو عام من الاستقلال.

واستمر في هذا المنصب على مدار 16 عاما، تجح خلالها في تحويل المحافظة التي كانت عبارة عن قرية إلي مدينة حضارية وسكنية وتجارية تعج بالنشاط التجاري والاقتصادي، وأصبح العمران الحديث ينمو بالمحافظة في كل اتجاه.

ونظرا لحبه للناس، كان كثيراً ما يتدخل بصفة شخصية لحل الكثير من المشاكل الأسرية والحفاظ علي خصوصيتها.

مهام وزارية

وبعد توليه منصب محافظ حولي لمدة 16 عاما، تولي الشيخ نواف حقيبة وزارة الداخلية في 19 مارس/آذار 1978، وكان هاجسه في بداية تسلم حقيبة الداخلية أن يحفظ لبلاده أمنه واستقراره وأن يحمي حرية المواطن وكرامته، مثلما يدعم أمنه.

وحقق خلال توليه المنصب نقلة نوعية في أداء وزارة الداخلية، قبل أن يتولى في 26 يناير/كانون الثاني 1988 حقيبة وزارة الدفاع.

وبعد توليه المنصب قام بتطوير العمل بشقيه العسكري والمدني، وعمل على تحديث وتطوير معسكرات وزارة الدفاع ومدها بكل الأسلحة والآليات الحديثة، واهتم بايفاد البعثات إلي الدول الصناعية العسكرية للتدرب علي قيادة الطائرات العسكرية والتدرب علي قيادة الطائرات الحربية وكل أنواع الأسلحة والمدرعات والمدافع التي يستخدمها الجيش الكويتي.

وحرص الشيخ نواف علي تضمين عقود شراء الأسلحة بنوداً تنص علي تدريب العسكريين الكويتيين عليها وصيانتها.

واستحدث الشيخ نواف في الوزارة إدارة العقود الخاصة إضافة إلى الإدارة القانونية.

تحرير الكويت.. جهود بارزة

وعندما تعرضت الكويت إلى الغزو العراقي عام 1990 ساهم الشيخ نواف الأحمد في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال وجند كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير دولة الكويت وأدى دورا في قيادة المقاومة وتأمين وصول الشرعية للمملكة العربية السعودية إلى جانب قيادته للجيش.

الوزير الإنسان

وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد حرب تحرير الكويت وعودة الشرعية تم تكليف الشيخ نواف الأحمد بحقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 2 أبريل/ نيسان 1991، حيث قال حينها “أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه أمير البلاد”.

وفور مباشرته العمل كوزير للشؤون الاجتماعية والعمل سارع الوزير الإنسان إلى اتخاذ قرارات إنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنين، وبرهنت أعماله على أنه خير نصير للطفل والمرأة والأرملة والمسن والعامل.

كما قام باستحداث مستشفى خاص لنزلاء دور الرعاية أثناء توليه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واستحدث منصب وكيل مساعد للشؤون القانونية في وزارة الشؤون.

تطوير الحرس الوطني

وفي 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1994 تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني فترك بصمته المميزة على هذا المرفق الأمني الحيوي حيث عمل على تطوير المنظومة العسكرية للحرس وجعله الذراع اليمنى للقوات المسلحة.

 العودة لوزارة الداخلية

وفي 13 يوليو/تموز 2003، تم تعيين الشيخ نواف مجددا وزيرا للداخلية، ويعتبر الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الأب الروحي لرجال الأمن والمؤسس الحقيقي لوزارة الداخلية بشكلها الحديث وإدارتها المختلفة خلال توليه مسؤولية الوزارة على مدى فترتين.

الأولى من مارس/آذار 1978 إلي يناير/كانون الثاني 1988 والثانية من 2003 إلي فبراير/شباط 2006 وإنجازاته وهو يقود هذه المؤسسة الأمنية الراسخة يشهد بها الجميع.

وحرص على مجاراة العصر ومواكبة التقدم العالمي في مجال الأمن إذ عمل على تطوير وتحديث كل القطاعات الأمنية والشرطية وتوفير الإمكانات المادية للنهوض بالمستوى الأمني وإدخال الأجهزة الأمنية الحديثة ورسم استراتيجية منظومة أمنية متكاملة لمكافحة الجريمة.

وحرص على الاستفادة من الثورة المعلوماتية في العالم من خلال توظيف تطبيقاتها التكنولوجية المتقدمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة مثلما فعل بكل الوزارات التي تولى مسؤوليتها.

كما وضع استراتيجية أمنية دقيقة لمنظومة شاملة تحمي الحدود برا وبحرا إذ ترصد المنظومة الإدارية كل شبر من أرض الكويت فيما تغطي القواعد البحرية المياه الإقليمية والجزر أما المراكز الحدودية فتغلق الطرق أمام المتسللين وضبط كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار البلاد.

ومن أبرز إنجازات الشيخ نواف استحداثه للادارة القانونية في وزارة الداخلية ولإدارة شؤون المختارين كما أنه استحدث إدارة للانتخابات وساهم فى تطوير العمل الشرطي.

وفي 16 أكتوبر 2003، صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى منصبه كووزير للداخلية.

مكافحة الإرهاب

وحققت الرؤية الأمنية الثاقبة له ثمارها وخصوصا في التعامل مع الحوادث الإرهابية في البلاد كالتي حدثت في يناير/كانون الثاني عام 2005 حيث قاد بنفسه المواجهة ضد الإرهابيين وكان موجودا في مواقع تلك الأحداث لاستئصال آفة الإرهاب في البلاد من جذورها.

وعلى الصعيد الإقليمي أولى الشيخ نواف الأحمد أهمية كبرى لأمن دول الخليج العربي، فمن خلال مشاركته في اجتماعات وزراء الداخلية للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تحقيق قدر كبير من التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن بهدف مجابهة المخاطر التي تهدد المنطقة ودولها وعلى رأسها الإرهاب.

وأكد الشيخ نواف أن الأمن العربي وحدة واحدة وكل لا يتجزأ وانطلاقا من هذه الرؤية الاستراتيجية كانت مشاركاته في اجتماعات وزراء الداخلية العرب التي أسفرت عن إجماع عربي على محاربة الإرهاب ودعم جهود العمل الأمني المشترك وأهمية تبني الحلول العلمية الشاملة لمواجهة مخاطر الإرهاب والمخدرات وغسيل الأموال والفساد وسائر القضايا الأمنية الأخرى.

ولاية العهد

ومع تولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في البلاد، أصدر الشيخ صباح أمراً أميريا بتزكية الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ولياً للعهد في 7 فبراير/شباط من العام نفسه.

وفي 20 فبراير/شباط من الشهر ذاته، بايع مجلس الأمة بالإجماع الشيخ نواف ولياً للعهد، وأدى اليمين الدستورية أمام أمير الكويت والمجلس في اليوم نفسه.

واكد النواب خلال جلسة المبايعة أن الشيخ نواف “رجل يجمع على محبته الشعب الكويتي”، معتبرين أنه صاحب “شخصية لا يختلف عليها اثنان”.

واستذكروا مواقفه المشرفة في خدمة البلاد من خلال توليه العديد من المسؤوليات مؤكدين أنه “رجل الخير والمواقف”.

الإجماع الشعبي والبرلماني والسياسي علي مبايعة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وليا للعهد جاء تتويجاً لرحلة عطاء وحب ووفاء وتقدير متبادل بين الشيخ نواف وأهل الكويت.

ويرى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أن القوة والمنصب يجب أن يسخرا لنصرة الضعيف والمظلوم وأن الناس سواسية تحت القانون وأن البلد مسؤولية الجميع ويحرص على تعزيز الفضائل والقيم والإيمان بأهمية وحدة وتكاتف أبناء الكويت جميعا إيمانا بأن قوة البلاد في وحدة أبنائها وتقدمها وتطورها مرهون بتآزرهم وتلاحمهم وإخلاصهم في العمل.

والشيخ نواف أب لأربعة أولاد وبنت واحدة ومن هواياته ركوب الخيل وهو من أوائل المهتمين بالرياضة في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى