هل أدى تسرع علماء أوكسفورد في البحث عن لقاح لكورونا إلى كارثة؟

متطوع خضع للتجارب يروي ما حدث له

يراقب العالم عن قرب تجارب لقاح أوكسفورد الذي يعد أبرز لقاحات كورونا ، وقد أثار الإعلان بإصابة أحد المتطوعين بالتهاب للنخاع الشوكي، صدمة في العالم في ظل الأمر المعقود على هذا اللقاح.

جوش ماكغرين أستاذ مساعد وباحث تعليمي يعيش في أوكسفورد، قرر المشاركة في هذه التجارب التي يجريها معهد جينر بجامعة أوكسفورد البريطانية حين رأى النداء الموجه إلى المتطوعين على فيسبوك في بداية هذا العام، يروي في صحيفة The Guardian البريطانية، كيف تجرى هذه التجارب، وماذا حدث للمتطوع الذي أصيب، وهل أدى تعجل العلماء لإيجاد لقاح لكورونا إلى إصابته أم أن الحالة التي أصيب بها تعود لأسباب أخرى؟

لماذا شاركت في التجارب؟

كان مزيجاً من الأنانية وحب الغير. كان ذلك في مارس/آذار، وبدأ المرض ينتشر في المملكة المتحدة وكان من شبه المستحيل أن تجري اختباراً. وسافرت عدة مرات في بداية العام، وكنت قلقاً من ذلك.

في ذلك الوقت، كنت الطريقة الوحيدة لإجراء الاختبار في المملكة المتحدة هي أن تدخل المستشفى باشتباه قوي في إصابتك بكوفيد. لذا فإن المشاركة في التجارب تمنحني صلة مباشرة بجهات إجراء الفحص لكي أطمئن إذا ما كنت مصاباً أو حين أصاب به في المستقبل.

كورونا تراجع في بريطانيا/رويترز

أما الجانب الآخر الأكثر خيرية، فهو أنه في ذلك الوقت مع إغلاق الجامعات والفزع بشأن عواقب كل ما يحدث، كانت هناك الكثير من الدعوات لتحويل مسار الأبحاث إلى كوفيد-19. ولم يكن من المستحيل عليَّ أن أفعل ذلك، نظراً للمجال الذي أعمل فيه.

لكن بالنسبة لي، بدا هذا أمر سيئ. لماذا أسعى للحصول على المال من الأبحاث؟ أنا لست عالم فيروسات، ولا أعمل في مجال العلوم الطبية. لكن ماذا عن أن أعطيهم أنا المال؟ هذا شيءٌ يمكنني فعله بكل تأكيد، وهو إسهام حقيقي ملموس.

لقاح زائف

ما المرحلة التي شاركت فيها في التجارب؟

شاركت في بداية المرحلة الثانية. كانت المرحلة الأولى قد بدأت قبل أسبوعين فقط، وكان الجميع يعرفون أنهم سيحصلون على اللقاح. لكن في بداية المرحلة الثانية، لا يعرف أحد ما إذا كان قد حصل على اللقاح الفعلي. لقد تلقيت على الأرجح اللقاح الزائف الذي اختاره الباحثون لأنه يتسبب في أعراض جانبية مشابهة لكوفيد-19.

هل يخبرونك بالنتيجة بعد إجراء الاختبار؟

لا، لا يقولون أي شيء، وقد طلبت منهم صراحة أنني إن كنت مصاباً بكوفيد أو لدي الأجسام المضادة، هل ستخبرونني؟ على الأرجح إن كنت مصاباً بكوفيد، فسيخبرونك، لكنهم لن يعطوك أي تفاصيل أخرى عن المناعة أو الأجسام المضادة لإبقاء التجربة معماة.

هل قيمت التجارب من وجهة نظر أكاديمية؟ وما رأيك؟

فعلت، وهذه التجارب تُجرى بطريقة أخلاقية للغاية، من وجهة نظر بحثية. وقد تكبدوا الكثير من المشقة لإعطاء المشاركين كل المعلومات اللازمة والمخاطر المحتملة، وملأنا الكثير من الاستثمارات.

ولأنني باحث، كنت مهتماً بالأخص بإعداد التجربة، لذا سألتهم حين كنت أتلقى جرعة للقاح ما إذا كانت التجربة مفردة التعمية أم مزدوجة التعمية. والتجربة مفردة التعمية فقط، أي أن من يجرون التجربة يعرفون أي المشاركين يتلقى اللقاح الحقيقي وأيهم يتلقى اللقاح الزائف. وهذا غريب.

الجزء الأغرب هو أنها ليست تجربة حقيقية، لأنهم لن يصيبونا بكوفيد-19 لأسباب واضحة. لكنهم يتركونك تخرج إلى العراء لتصاب بالمرض أو لا تصاب به. وربما لا تصاب به لأنه لم يعد هناك الكثير من المصابين على أي حال. وهذا ما حدث في أوكسفورد، ولهذا اضطر الباحثون إلى التوسع إلى الولايات المتحدة والبرازيل في محاولة لاستغلال التجربة الطبيعية التي تحدث في مناطق ينتقل فيها المرض بمعدلات عالية.

أمرٌ آخر فعلوه في منطقة أوكسفورد والمنطقة الحدودية، هو تعيين عاملين بمجال الرعاية الصحية، في المستشفيات بصفة شبه مستمرة ويخالطون مرضى كوفيد. إنهم يفعلون الكثير من الأشياء لتخطي عقبة أنهم يعتمدون على الإصابات الطبيعية في تطوير اللقاح.

التهاب النخاع الشوكي

هل تابعت قصص التجارب في وسائل الإعلام؟

نعم، ومن المثير للاهتمام أن مجموعة تجارب اللقاحات بمعهد جينر بجامعة أوكسفورد غير هادفة للربح. لقد حققوا إنجازات هائلة في مصل إيبولا وهم من أبرز العاملين على لقاح لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ومن الرائع حقاً أن يكون كل هذا المجهود غير هادف للربح.

تابعت نتائج الأبحاث وأيضاً التعليقات. وظهرت هذه القصة عن الاستجابة السيئة للقاح لدى أحد المشاركين، لكنها لا تقلقني مطلقاً. لقد تلقيت اللقاح مرتين وأعرف استجابة جسدي له. وأظن أن هناك فرصة قوية أن الشخص الذي واجه مشكلة مع التهاب النخاع الشوكي لم يكن لإصابته علاقة باللقاح، وهناك دائماً حالات شاذة في هذه الاختبارات.

وقد رأيت في بعض وسائل الإعلام الأسترالية إشارة إلى أن هذا ما يحدث حين تتعجل في الاختبارات. وهذه الاستجابة معاكسة تماماً لما ينبغي. إنها حالة من بين آلاف الحالات التي تتلقى اللقاح، وجهات إجراء التجارب اتخذت الإجراء السليم حين أوقفت الاختبارات تماماً، وحققت في الأمر، وتأكدت من السبب ثم مضت قدماً. ينبغي أن تكون القصة دليلاً على نزاهة العلماء. وآمل إن عبرنا هذه المحنة أن يكون هذا جرس إنذار لنحسن من طريقة فعلنا للأمور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى