ولاية بوتفليقة الخامسة تجر ثالث رئيس وزراء جزائري إلى القضاء
بات نور الدين بدوي آخر رؤساء وزراء الرئيس الجزائري المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، ثالث رئيس حكومة في الجزائر يقرر القضاء التحقيق معه في شبهات قضايا فساد مرتبطة بما بات يصطلح عليه بـ”العهد البائد”.
ووفق ما ذكرته مختلف وسائل الإعلام الجزائرية فقد أحال قاضي التحقيق لدى محكمة “سيدي أمحمد” بالجزائر العاصمة ملف رئيس الوزراء الجزائري الأسبق نور الدين بدوي (مارس/آذار 2019 – ديسمبر/كانون الأول 2019) “إلى المستشار المحقق لدى المحكمة العليا” التي تمثل أعلى هيئة قضائية في الجزائر.
وذكرت المصادر الإعلامية الجزائرية أن محكمة “سيدي أمحمد” التي اشتهرت العام الماضي بمحاكمة غالبية أركان نظام بوتفليقة أبلغت بدوي بتوجيه الاتهام وإبلاغه بالتهم المشتبه بتورطه فيها، كونه “يتمتع بالامتياز القضائي”، باعتباره رئيس حكومة سابق وفق القانون الجزائري.
“حفرة بوتفليقة”
قرار القضاء الجزائري جاء “على مراحل” وفق مختلف المصادر الإعلامية والسياسية بالجزائر، حيث تقرر “منعه من السفر” مباشرة بعد تقديمه استقالته وحكومته للرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون يوم تنصيبه في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي 2 مارس/آذار الماضي، مثُل نور الدين بدوي للمرة الأولى أمام محكمة “سيدي أمحمد” بالعاصمة للتحقيق معه في شبهات قضايا فساد تورط فيها، بعد أن تلقى استدعاء رسميا من قاضي تحقيق المحكمة.
وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، استمع المستشار المحقق بالمحكمة العليا الجزائري لـ”شهادة” رئيس الوزراء السابق نور الدين بدوي في قضايا فساد تخص وزراء ومسؤولين حكوميين وأمنيين ورجال أعمال في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة “بصفتي “شاهدا” و”وزير الداخلية الأسبق”.
ومن بين أبرز القضايا التي استجوب فيها آخر رؤساء وزراء بوتفليقة، تتعلق بقضية فساد اللواء المتقاعد عبدالغني هامل المدير العام للأمن الجزائري الأسبق (الشرطة) وعائلته والذي أدين بـ15 سنة سجناً، بتهم “الاستيلاء على أملاك عامة والثراء غير المشروع، واستغلال الوظيفة” وغيرها من التهم.
بالإضافة إلى قضية وزير العدل الأسبق الطيب لوح الذي كان من أكثر المقربين من بوتفليقة، وتتعلق بـ”استغلال النفوذ وسوء استغلال السلطة وتوجيه أوامر لموظفين عموميين للتزوير وخرق القانون”، فيما لم يفصل القضاء الجزائري بعد في قضية الوزير “لوح”.
7 تهم ثقيلة
وبموجب الملف المحال إلى المحكمة العليا بالجزائر، من المنتظر أن يواجه رئيس الوزراء الجزائري السابق نور الدين بدوي “6 تهم ثقيلة”، وفق وسائل الإعلام الجزائرية.
وتتعلق أساسا بما يعرف في الجزائر بـ”فضيحة جمع نحو 7 ملايين استمارة” لترشح بوتفليقة لولاية خامسة في مارس/آذار 2019 عشية انتخابات 18 أبريل/نيسان الملغاة.
بالإضافة إلى تهم أخرى تتعلق بـ”التمويل الخفي للأحزاب السياسية، وإصدار أوامر للهيئات المحلية والمحافظين لجمع التواقيع لبوتفليقة، واستغلال وسائل الدولة، واستغلال قاعدة البيانات للمواطنين لتحقيق تلك الأهداف”.
وكذا ورود اسمه في قضايا الفساد التي يتابع بها المدير العام للشرطة الجزائرية الأسبق عبدالغاني هامل ووزير العدل الأسبق الطيب لوح.
وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، باشرت قوات الدرك الجزائرية في جميع محافظات البلاد تحقيقات معمقة في “ملف جمع نحو 5 ملايين و800 ألف استمارة” في 10 أيام للرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، لتقديمها في ملف ترشحه للولاية الخامسة.
ويتابع في القضية ذاتها عدد كبير من الوزراء السابقين ومسؤولي الأحزاب الأربعة التي كانت تعرف بـ”التحالف الرئاسي الداعم لبوتفليقة”، بينهم عبدالغني زعلان مدير حملة بوتفليقة، ووزراء سابقون ورؤساء بلديات وولاة سابقون (محافظون) ورجال أعمال.
وبهذا، يكون نور الدين بدوي ثالث رئيس وزراء جزائري من عهد بوتفليقة يتابع قضائيا بتهم فساد بعد أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال اللذين أدينا بـ15 سنة سجنا في قضية “مصانع تركيب السيارات”.
وقدم نور الدين بدوي استقالته في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعد 6 أشهر من توليه رئاسة الحكومة الجزائرية في 11 مارس/آذار 2019، بعد تعيينه من قبل الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة خلفا لأحمد أويحيى.
وغداة تقديمه استقالته لتبون، أظهرت المشاهد التي بثها التلفزيون الجزائري الحكومي كيف سارع تبون لإنهاء المقابلة مع نور الدين بدوي بعد أن سلمه رسالة الاستقالة، في موقف محرج أثار استغراب المتابعين.
وكان نور الدين بدوي من أكثر الشخصيات السياسية من عهد بوتفليقة التي طالبها الحراك الشعبي في الجزائر بالرحيل، فيما كان يعرف بـ”الباءات الأربع”، نسبة إلى أسماء رئيس الجزائر المؤقت السابق ورؤساء البرلمان والمجلس الدستوري.
وخلال عرض برنامج حكومته أمام البرلمان فبراير/شباط الماضي، اتهم رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد سلفه نور الدين بدوي بـ”إعداد قانون موازنة مفخخ” من خلال اعتماد فرض جملة من الضرائب على المواطنين، ووصفه بـ”قانون البلبلة الذي يهدف لإثارة الفوضى”.
وتولى نور الدين بدوي عددا من الحقائب الوزارية في عهد بوتفليقة، أبرزها وزير الداخلية من مايو/أيار 2015 إلى مارس/آذار 2019 في حكومات أحمد أويحيى وعبدالمجيد تبون وعبدالمالك سلال.
وتتهم أحزاب معارضة ونشطاء الحراك “بدوي” بـ”تزوير الانتخابات” التشريعية والمحلية التي جرت في عهده عام 2017، ورسخت نظام المحاصصة السري المعروف في الجزائر بـ”نظام الكوطة”.
وهو النظام الذي يعمل على توزيع المقاعد النيابية والمجالس المحلية على أحزاب السلطة والتيارات الإخوانية والأحزاب العلمانية، وفق شهادات مسؤولين جزائريين سابقين.